استقرت قرارات مجلس الأمن الدولى الصادرة منذ مطلع التسعينات من القرن الماضى على أن الأعمال الإرهابية الدولية تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وقد ورد النص على ذلك صراحة فى ديباجة جميع قرارات مجلس الأمن الدولى ذات الصلة بالتهديدات والهجمات الإرهابية، ومنها الفقرة الثالثة من ديباجة قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1373 لسنة 2001 الصادر عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر. بل إن القرار رقم 1566 لسنة 2004 قد أكد أن «الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحداً من أخطر التهديدات التى تواجه السلام والأمن». وتصاعدت النظرة الأممية إلى الجرائم الإرهابية فى قرار مجلس الأمن رقم 2341 لسنة 2017، الذى يؤكد فى الفقرة الرابعة من ديباجته أن «الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التى تهدد السلام والأمن الدوليين وأن أى عمل إرهابى هو عمل إجرامى لا يمكن تبريره أياً كانت دوافعه أو توقيته أو مكانه أو هوية مرتكبيه...». وقد ورد النص كذلك على توصيف الإرهاب بأنه يمثل أحد أشد الأخطار التى تهدد السلام والأمن وأن الإرهاب يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين، وذلك فى الفقرتين الثانية والثالثة من ديباجة قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2368 لسنة 2017م.
من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن ديباجة قرار مجلس الأمن رقم 2341 لسنة 2017م لم تكتفِ بالنص فى الفقرة الرابعة على أن الإرهاب يمثل «أحد أشد الأخطار التى تهدد السلام والأمن الدوليين»، بل أعادت التأكيد -فى الفقرة الخامسة منها- على أن «الإرهاب يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين، وأن مكافحة هذا التهديد تتطلب بذل جهود جماعية على كل من الصعيد الوطنى والإقليمى والدولى تقوم على أساس احترام القانون الدولى، بما فى ذلك القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، وميثاق الأمم المتحدة». ولعل من اللافت للانتباه هنا هو الإشارة إلى «القانون الدولى لحقوق الإنسان» و«القانون الدولى الإنسانى»، الأمر الذى يفتح الباب واسعاً أمام اعتبار الإرهاب جريمة ضد الإنسانية.
من ناحية ثالثة، وبموجب البند الخامس من القرار رقم 1373 لسنة 2001م، يعلن مجلس الأمن أن «أعمال وأساليب وممارسات الإرهاب الدولى تتنافى مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة، وأن تمويل الأعمال الإرهابية وتدبيرها والتحريض عليها عن علم، أمور تتنافى أيضاً مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها».
ومن ناحية رابعة، يبدو أن قرارات مجلس الأمن الدولى تنظر إلى الإرهاب باعتباره عملاً من أعمال العدوان. إذ تنص الفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن رقم 1373 لسنة 2001م على أن المجلس «يعيد تأكيد الحق الراسخ للفرد أو الجماعة فى الدفاع عن النفس، كما هو معترف به فى ميثاق الأمم المتحدة وكما هو مؤكد فى القرار 1368 (2001)». وغنى عن البيان أن الدفاع الشرعى عن النفس لا يكون إلا إزاء أعمال العدوان المرتكبة من الغير. ومن ثم، فإن الإشارة فى ديباجة القرار المذكور إلى حق الدفاع عن النفس يدل على نظرة مجلس الأمن إلى أعمال الإرهاب الدولى باعتبارها أحد أشكال وصور جريمة العدوان على سيادة الدول. ويبدو أن الإشارة إلى حق الدفاع الشرعى عن النفس فى ديباجة القرار 1373 كانت الأساس الذى استندت إليه الولايات المتحدة الأمريكية فى تبرير عدوانها على كل من أفغانستان (2001) والعراق (2003)، تحت زعم محاربة الإرهاب. ومنظوراً إليها باعتبارها تتنافى مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة، وحيث إن أعمال الإرهاب الدولى تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، لذا يغدو من الضرورى أن يمارس مجلس الأمن صلاحياته طبقاً للفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، إزاء الدول الراعية أو الداعمة للإرهاب. والملاحظ هنا أن المجلس لم يتصرف بموجب الفصل السابع من الميثاق سوى مرة واحدة، وذلك فى قراره رقم 1373 لسنة 2001 الصادر بمناسبة هجمات الحادى عشر من سبتمبر.
ومن ثم، وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد طالبت العالم أجمع بأن يقف معها ضد الهجمات الإرهابية التى وقعت فى نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا فى الحادى عشر من سبتمبر 2001م، وإذا كان الرئيس الأمريكى الأسبق «جورج بوش» قد قال عبارته الشهيرة: «من ليس معنا، فهو ضدنا»، وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد لجأت إلى شن حربين ضد كل من أفغانستان والعراق بحجة القضاء على الإرهاب، فهى مدعوة إلى الاضطلاع بمسئولياتها كعضو دائم فى مجلس الأمن إزاء الجرائم الإرهابية التى تتخذ من المنطقة العربية مسرحاً لها، بدعم واضح ومباشر من النظامين القطرى والتركى.
وللحديث بقية..