زيارات مسئولى البلدين بـ«القاهرة وتل أبيب».. مساعٍ رسمية لتفعيل «اتفاقية السلام»
«السادات» خلال لقائه بأعضاء الكنيست الإسرائيلى
لم تكن الزيارة التى قام بها الرئيس السادات لإسرائيل قبل 40 عاماً هى الزيارة الوحيدة التى يقوم بها رئيس مصرى للدولة العبرية، إذ أعقبتها سلسلة من الزيارات قام بها مسئولون مصريون فى مناسبات مختلفة على مدار الأربعين عاماً الماضية، كما تزامن معها عدد من الزيارات الأخرى قام بها مسئولون إسرائيليون لمصر.
أسفرت جهود مصر بعد زيارة «السادات» عن توقيع اتفاقيات «كامب ديفيد» فى 17 سبتمبر 1978، وتلا ذلك التوقيع فى 26 أغسطس 1979 فى واشنطن على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وملحقاتها، حيث نصت اتفاقيات السلام على «اتفاقية تطبيع» بموجبها تتم لقاءات دورية بين الطرفين، ومن بينها لقاءات لوزراء وشخصيات عامة ظلت فى طى الكتمان لسنوات عديدة، وتستعرض «الوطن» اليوم أبرز تلك اللقاءات والتى استندت على 5 ركائز أساسية، أولها معاهدة السلام والملحق الثالث لها الخاص ببروتوكول علاقات الطرفين، والقانون رقم 66 لعام 1980 بإنهاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، والقرارات الخاصة بإنشاء وتحديد اختصاصات اللجنة العامة لتطبيع العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأخيراً القرارات الخاصة بتشكيل وتحديد اختصاصات اللجنة العامة لترتيبات الانسحاب النهائى من سيناء وتطبيع العلاقات.
فى الفترة بين 31 يناير إلى 3 فبراير عام 1980 جرى اجتماع فى القاهرة للجنة العامة لتطبيع العلاقات المصرية - الإسرائيلية بين وفد إسرائيلى وآخر مصرى بهدف تنفيذ التطبيع الكامل للعلاقات، وتم الاتفاق آنذاك على إنشاء لجان فرعية فى «السياحة - النقل - الطيران المدنى - الثقافة - الاقتصاد والتجارة - الاتصالات السلكية واللاسلكية - التعاون الزراعى - الطاقة». واجتمعت اللجنة العليا للتطبيع بالقاهرة فى 6 و7 فبراير 1980، وصدر تقرير مشترك آنذاك ووقع عليه من الجانب المصرى اللواء طه المجدوب الدبلوماسى المصرى وأحد أبطال حرب أكتوبر، ونص البيان على بعض اتفاقات التطبيع.
زيارتان لكل من «أبوالغيط» وعمرو موسى وسامح شكرى إلى إسرائيل.. وتشييع «رابين» و«بيريز» أبرز الزيارات.. و«مبارك» زار إسرائيل 6 مرات.. وتمثال إسرائيلى تقديراً لصداقته
واجتمع كمال حسن على وإسحاق شامير وزير الخارجية الإسرائيلى فى الإسكندرية 26 أغسطس 1981 لمناقشة معاهدة السلام والملحق الثالث الخاص بالتطبيع، واستمرت آنذاك اللقاءات بين الجانبين المصرى والإسرائيلى تنفيذاً لاتفاق التطبيع، حيث اجتمع كمال حسن على مرة أخرى بإسحاق شامير ووفدين مرافقين فى الفترة من 23 إلى 25 فبراير 1982 وناقشا أموراً تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، كما تمت مراجعة تنفيذ مختلف الاتفاقيات المبرمة.
وفى مجال التجارة وقعت حكومتا مصر وإسرائيل فى 8 مايو 1980 اتفاق تجارة فى القاهرة، ورفع وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك بطرس غالى مذكرة لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ببنودها. بينما اجتمع وفدا مصر وإسرائيل فى الفترة من 14 إلى 17 سبتمبر 1981 فى إسرائيل لمناقشة سبل ووسائل النهوض بالتطبيع وتدعيمه والتعاون فى مجال السياحة «حالياً ومستقبلاً». وفى 24 مارس عام 1980 اجتمع وفدان من مصر وإسرائيل فى تل أبيب، حيث قاموا بزيارات استطلاعية لمختلف الأنشطة الزراعية الإنمائية بإسرائيل، وتوصل الطرفان إلى اتفاق وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن الزراعة هناك.
وقام محمد داود، وزير الزراعة المصرى، فى الفترة من 26 إلى 31 ديسمبر عام 1980 بزيارة إلى إسرائيل بناء على دعوة وزير الزراعة الإسرائيلى أرئيل شارون، ورافق وزير الزراعة المصرى وفد من كبار المسئولين بالوزارة، حيث تعرف الوفد المصرى على بعض أوجه الزراعة فى إسرائيل وتكنولوجيا الإنتاج وما بعد الحصاد، فضلاً عن الموضوعات المتعلقة بالمنتجات الزراعية والتسويق، وأعرب الوزيران عن رضائهما عن الاتصالات التى تمت بين الخبراء وخدمات الوزارتين وقرار دعم وتوثيق التعاون الزراعى بين البلدين.
وزار أرئيل شارون مصر فى الفترة من 19 إلى 24 مايو عام 1981، بناء على دعوة نظيره المصرى، وشارك «شارون» آنذاك وفد رسمى، حيث زار الوفد المصرى بعض مناطق الزراعة فى مصر وخاصة مناطق التوسع الزراعى، وناقش مع كبار المسئولين بالوزارة تنفيذ مذكرة التفاهم وتابع الإنجازات التى تحققت فى العام السابق. وفى أبريل 1982 اجتمع وفدا وزارتى الداخلية فى مصر وإسرائيل، فى فندق مينا هاوس بالجيزة لمناقشة عملية التطبيع بين البلدين وفقاً لمعاهدة السلام، وأصدرا محضراً متفقاً عليه بين الطرفين.
أما عن زيارات الرؤساء بعد الرئيس السادات، فكشفت وثيقة أمريكية فى 2012 أن سجلات مبنى صالة كبار الزوار الملحقة بمطار «بن جوريون» بإسرائيل سجلت دخول وخروج «مبارك» لإسرائيل 6 مرات هبوط ترانزيت فى الفترة من عام 2005 إلى 2010، مما يكذب أن «مبارك» زار إسرائيل مرة واحدة عندما قدم العزاء فى وفاة إسحاق رابين فى 4 نوفمبر 1995، وفى نفس السياق ذكرت الوثيقة أن دفاتر قسم كبار الزوار فى مطار «بن جوريون» بتاريخ 26 مارس 2011 قد ذكرت أن إدارة القاعات بالمطار الإسرائيلى كانت تستعد لاستقبال زيارة مبارك للاحتفال بالذكرى 32 لمعاهدة السلام وبحضور الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وهى الزيارة التى أوقفها قيام ثورة 25 يناير والإطاحة بمبارك فى 11 فبراير، وذلك بحسب ما نقلته وكالة «دنيا الوطن» الفلسطينية.
وأظهرت الوثيقة الأمريكية أن «مبارك» زار إسرائيل عقب زيارة السادات لها فى 19 نوفمبر 1977، وأوضحت الوثيقة أن هناك فيلماً وثائقياً تاريخياً يوثق زيارة السادات ومبارك لمبنى الموساد فى الفترة من 1974 وحتى 1981، ورصدت الوثيقة أن إسرائيل قد قدمت لمبارك فى مايو 2011 تمثالاً صغيراً كتب عليه أن مبارك كان صديقاً خاصاً لدولة إسرائيل وعمل على دعم السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وزار أمين عام جامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق، عمرو موسى إسرائيل لحضور جنازة «رابين» عام 1995، ومرة قبلها عندما تولى وزارة الخارجية، كما قام وزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر بزيارتين أيضاً، الأولى كانت فى إطار المساعدة فى تهدئة الأوضاع بالأراضى المحتلة بعد انتفاضة الأقصى الثانية، أما الثانية فكانت فى 2003 فى إطار استئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفى ديسمبر 2006 التقى أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق بنظيرته الإسرائيلية آنذاك تسيبى ليفنى، ورئيس الوزراء الأسبق فى إسرائيل إيهود أولمرت، ووزير الجيش عمير بيرتس وآخرين فى زيارة لإسرائيل استمرت يوماً واحداً.
وفى يوليو 2016، توجه وزير الخارجية المصرى سامح شكرى إلى القدس حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى زيارة هى الأولى من نوعها منذ عام 2007، اعتبرها شكرى «مهمة» لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتقى «شكرى» آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وفى سبتمبر 2016 زار «شكرى» إسرائيل للمشاركة فى جنازة الرئيس الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز، وتقديم واجب العزاء.
وتأتى على رأس أبرز زيارات المسئولين الإسرائيليين إلى مصر، زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن عام 1979، فى أول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلى فى إطار استئناف مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل بعد عامين من خطاب «السادات» فى الكنيست الإسرائيلى.
قام أرئيل شارون عندما كان وزيراً للزراعة عام 1981 بزيارة إلى مصر تزامناً مع قدوم السفير الإسرائيلى، موشيه ساسون، حيث يقول «ساسون» فى كتابه «7 سنوات فى بلاد المصريين»، إن «شارون» وصل قبله بيوم واحد فقط إلى القاهرة، حيث التقى الرئيس السادات ووزير الزراعة المصرى محمد داود، ووزير الإعلام والمسئول عن شئون الرئاسة منصور حسن، ووضع الرئيس طائرة النائب محمد حسنى مبارك تحت تصرف «شارون» لدراسة المناطق الزراعية.
وفى عام 1992 قضى رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، إسحاق رابين، 6 ساعات فقط فى مصر فى إطار مفاوضات دفع عملية السلام فى منطقة الشرق الأوسط، حيث التقى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وكررها مرة أخرى فى عام 1993 واستقبله الرئيس مبارك فى قصره برأس التين فى الإسكندرية.
كما استقبل «مبارك» رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، إيهود باراك فى رأس التين عام 1999 فى إطار عملية السلام، وبعدها بعام التقوا مرة أخرى فى رأس التين يوم 3 أغسطس عام 2000 لتوضيح موقف مباحثات السلام مع الجانب الفلسطينى للرئيس المصرى، ومن أجل محاولة إقناع مبارك للضغط على الفلسطينيين. وفى عام 2008 قامت وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبى ليفنى بزيارة إلى القاهرة، والتقت بمبارك لبحث القضية الفلسطينية. وعن الرئيس الإسرائيلى السابق، شيمون بيريز، فقام بزيارة مصر مرتين، الأولى 11 مايو 2009 لبحث الأوضاع فى مدينة القدس، ومرة أخرى فى عام 2010 والتقى بمبارك فى إطار تهيئة الأوضاع لإطلاق مفاوضات جادة مع الجانب الفلسطينى.