كل طرف يريد «دفع» الطرف الآخر لمواجهة إيران، ويبدو أن الموقف سيظل على جموده كثيراً، فى ضوء انتظار كل طرف تحركاً لا يجىء من الطرف الآخر. الطرفان هما السعودية وعدد من دول الخليج المتحلقة حولها من ناحية، وإسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى. تهديدات الطرفين لإيران لا تتوقف. السعودية تتهم نظام الملالى بالعمل ضدها فى اليمن وسوريا، بل لا تتورع عن قصفها بصواريخها الباليستية عبر الحوثيين فى اليمن. وإسرائيل والولايات المتحدة تتهمان إيران بتنمية قدراتها النووية، وتريدان القضاء على برنامجها فى هذا السياق بأى طريقة. وفى اللحظة التى التقى فيها الطرفان السعودى والأمريكى فى قصر «اليمامة» خلال زيارة «ترامب» للرياض، تحول الاستقبال إلى ما يشبه حفل «النقوط» على شرف إيران. فكلاهما هدد وتوعد النظام الإيرانى بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولم يحدث شىء فى الواقع، بل على العكس إيران تتمدد فى المنطقة العربية ويزداد نفوذها فيها يوماً بعد يوم.
الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان «زقّ» العرب لحرب مع إيران، يعلمون أنها لن تُحسم لصالح طرف منهما، بل على العكس ستؤدى إلى استنزاف كليهما، وذلك ما يريده هذان الطرفان بالضبط. أمريكا وإسرائيل تستغلان حالة المراهقة السياسية التى تحكم القرارات الآن داخل الكثير من دول الخليج من أجل الدفع بالعرب إلى أتون حرب مع إيران، تبدأ أولى خطواتها بالزحف على لبنان، ودعم قوات التحالف العربى الذى تقوده المملكة العربية السعودية فى حرب اليمن التى تحولت إلى ما يشبه الورطة، ولا بأس أن تليها خطوة مواجهة مباشرة مع إيران. ومؤكد أن صانع القرار السعودى لم يعجبه موقف مصر الذى كان محدداً برفض التصعيد ضد حزب الله فى لبنان، وتجنيب الإقليم أى توترات جديدة، إذ يكفيه ما يواجهه حالياً. لم يمنع هذا الموقف المملكة من مواصلة المحاولة، فدعت إلى قمة عربية على مستوى وزراء الخارجية، كان أبرز ما خرجت به أن الصاروخ الذى أُلقى من اليمن على مطار الرياض هو صاروخ إيرانى.. وكأنها مفاجأة!
من جهة أخرى لا يفتأ الخليج يحاول دفع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للتحرك ضد إيران، بخطوة تبدأ من تقليم أظافر حزب الله فى لبنان، حتى تفقد إيران ذراعها فى المنطقة، وتتمكن المملكة من حسم الأمور داخل كل من اليمن وسوريا، ولا بأس أن يعقب ذلك هجوم على إيران. من المعلوم أن اللعاب الأمريكى يسيل منذ أن تولى «ترامب» الحكم -بل وقبلها- على مليارات الخليج، وليس اللعاب الإسرائيلى بأقل سيولة على هذا المال. تم سحب كميات لا بأس بها من المليارات الخليجية فى صفقات أسلحة، لكن صنّاع القرار بالخليج لا يترددون فى بذل المزيد من أجل التخلص من الصداع الإيرانى، لكن المشكلة أن إسرائيل تتدلل والولايات المتحدة تتمنع. لا أحد يعلم على وجه التحديد مآلات المشهد الحالى فى المنطقة، فمن الممكن أن تسكن الأمور فى لحظة، خصوصاً أن موقف مصر يصب فى اتجاه التهدئة، وقد يحدث العكس، لكن ذلك لن يكون بحال مقدمة لتحقيق طموحات شباب الحكام العرب.