الجمال والشقاوة والرقة والمذاق الخاص ........ "بونبوناية".
هذا الوصف اكتسب شهرته فى مصر منذ فترات طويلة للربط بين الحالة ومذاق الـ "بونبوناية" وبالعامية المصرية تقال "ملبساية" وهو ما ترجمه المطرب الشعبى "محمود الليثى" فى وصف حبيبته فى أغنيته الشهيرة "بونبوناية.. ملبساية".
نفس الوصف أيضاً ارتبط بلبنان و"اللى منها" وهو الانطباع السائد دائماً وإنعكاس صورتها كـ "بونبوناية" ليس على مستوى الإنتاج للجمال والأنوثة فقط... ولكن أيضاً الإنتاج الإعلامى والفنى.
استطاعت لبنان منذ سنوات ليست بالقليلة أن تحتل مكاناً مميزاً فى الإنتاج الإعلامى بل وأحدثت طفرة فى إنتاج البرامج من حيث الشكل والصورة والتقنيات المستخدمة بل وأصبحت وجهة للكثيرين للشراكات الإعلامية بما فيها الإنتاج المصرى أيضاً وهو ما وضحت بصمته فى السنوات الأخيرة خاصة مع غزارة إنتاج برامج اكتشاف المواهب والتى أصبحت بصمة لبنانية 100% وكذلك برامج المسابقات لتقف فى المقدمة بقوة تحافظ جاهدة على مستوى المنتج النهائى.
يبدو أن هذا النجاح الكبير أغرى القائمين عليه باقتحام مجالات أخرى وبالطبع كانت الدراما هى الأسهل والأقرب ليكون القرار بالنزول فى هذا الملعب الذى تمتلكه وتسيطر عليه "الدراما المصرية" تماماً دون منافسة حقيقة حتى وإن بزغ فى سنوات سابقة نجم الدراما السورية فى منافسة "مفتعلة" إلا أن اختلاق صراع وهمى يفتقر لمقومات منطقية من حيث المضمون والإمكانيات قد وأد هذا النجاح مبكراً لتأتى الحرب فى سوريا –عافاها الله – وتدمر الصناعة مع إعصار التدمير الهائل وتنسحب من الساحة مرغمة تاركة نجومها تزين الأعمال الدرامية العربية.
فى هذا الملعب كانت لبنان الأذكى بإنتاجها الدرامى فى اختيار الشكل والمضمون والحقيقة أنها بدأت هذا المشوار منذ سنوات إلا أن هناك طفرة ملحوظة وضحت فى السنوات الثلاث الأخيرة وهو ما وضعها على الخريطة الدرامية بشكل كبير ومميز خاصة مع شغف المشاهد المصرى للتعرف على ثقافة ونمط حياة مختلف بتفاصيلها والذكاء هنا كان فى إنتاج مسلسلات لبنانية بنكهة عربية فالأبطال توليفة بين اللبنانى والسورى فى مزج متناغم يصعب عليك فيه التفرقة لتنتقل الدراما إلى مرحلة جديدة مميزة جداً بعد اعتماد البطولات المشتركة على نجوم من "الدراما المصرية" والتى وضعها فى بؤرة الضوء مباشرة وحقق لها شعبية كبيرة فى مصر وبين المتابعين للنجوم المصرية ليكسبها أرضاً جديدة بعد العرض على الفضائيات المصرية الكبيرة فأعطت شهرة أكبر لفنانى لبنان خارج حدودها ليتحول منهم الكثير إلى نجوم يشار إليهم بالاسم وهى نقطة تحول كبيرة فى صناعة الدراما اللبنانية.
على رأس تلك الأعمال التى حققت هذه الشعبية كان مسلسل "علاقات خاصة" بمؤلفة سورية "نور شيشكلى" ومخرجة سورية أيضا "رشا شربتجى" والذى اعتمد فى بطولته من مصر على نجمان لهما وزنهما فى الدراما المصرية "أحمد زاهر" و "ماجد المصرى" وكان اختيارهما موفقاً لأبعد الحدود فهما فى أوج بريقهما وقوتهما ونجاحهما الدرامى فـ "زاهر" يمتلك مواصفات وإمكانيات خاصة فى أدائه خارج المنافسة ولا يقترب منها أحد بجانب خفة الدم التلقائية التى تستطيع تحويل أكثر المشاهد سخونة وصراعاً إلى ضحك من النوع الثقيل إضافة إلى أدائه الدرامى المسجل باسمه ما أكسبه قاعدة جماهيرية كبيرة جداً جعلت من وجود اسمه فى أى عمل بمثابة "شهادة ضمان" غير محددة المدة .... أما "ماجد المصرى" فيمتلك من قوة الأداء وعنفه ما يجعله وحشاً كاسراً وهو أيضاً يمتلك أداءً بأسلوب خاص إضافة لتكوينه ومظهره الخارجى وهو يمتلك شعبية طاغية على المستوى الدرامى ويعطى للعمل من الثقل ما يكفى لنجاحه فكان الجمع بينهما فى منتهى الذكاء الذى أعطى للمسلسل قوة مزدوجة فالمعروف أنهما شخصيتان قمة التضاد فى الأداء التمثيلى واجتماعهما معاً فى عمل واحد يقفز به إلى مسافات بعيدة وهو ما بدأ سابقاً فى المسلسل المصرى "آدم" وتحقق بالفعل فى "علاقات خاصة" بجانب نجوم من لبنان وسوريا وضعوا فى الـ "برواز" مثل "جوى خورى - ديما قندلفت – صفاء سلطان – غنوة محمود - عمار شلق – باسم ياخور – طونى عيسى" وكان العنصر النسائى المصرى "مروة عبدالمنعم" شهادة ميلاد جديدة لها.
واستمر النجاح بقوة فى مسلسل "سمرا" الذى فاق نجاحه التوقعات على مستوى القصة والسيناريو والحوار لـ "كلوديا مارشيليان" والإخراج للسورية "رشا شربتجى" ومعهم المنتج اللبنانى "صادق الصباح" والذى تحول لأحد المنتجين المميزين وأصحاب الجودة فى الدراما المصرية وتحولت "سمرا" إلى أيقونة قدمتها بقوة "نادين نسيب نجيم" وأمامها البطل المصرى الممثل والمطرب "أحمد فهمى" ومعهم "حنان سليمان"و"ناصر سيف" والقديرة السورية "منى واصف" مع تألق طونى عيسى وباميلا الكيك ومعهم باقى فرق العمل لتضع صناعة الدراما اللبناينة نفسها بقوة فى صدارة المشهد وتكتسب شعبية كبيرة لدى المشاهد المصرى "صاحب السوق الدرامى" وكذلك المشاهد العربى ويبدو أن كلمة السر فى هذا النجاح هى المخرجة "رشا شربتجى" التى تواجدت فى الدراما المصرية من قبل فاستطاعت صناعة خلطة وتوليفة متقنة عابرة للحدود.
فى الطريق لم تحقق تجربة "مدرسة الحب" النجاح المتوقع رغم جودته العالية وقبله "اتهام" وعاد الإنتاج الدرامى بمسلسل "جريمة شغف" أيضاً للمؤلفة السورية "نور شيشكلى" ولكن الإخراج هذه المرة للمخرج اللبنانى الشهير "وليد ناصيف" والذى حقق قسطاً مقبولاً من النجاح .
الدراما اللبنانية لم تكتفى بهذه النوعية لتخرج علينا بمفاجأة جديدة تحمل اسم "كاراميل" وهو مسلسل يحمل فى اسمه مضمونه من المذاق يتسم بالطابع الكوميدى الخفيف بقصة بسيطة وفكرة افتراضية خيالية تتشابه مع فكرة فيلم "الحاسة السابعة" إلا أنه استطاع أن يحمل كل صور الإبهار الممكنة فى كل التفاصيل مزينة بصوت "نوال الزغبى" فى أغنية التتر ولكن فى هذه المرة لم يتم الاستعانة بنجوم مصريين وأسندت البطولة للنجم التونسى الذى لمع فى الدراما المصرية "ظافر العابدين" والذى قدم شخصيته باللهجة المصرية ليتم الحفاظ على التوليفة والخلطة الخاصة إلا أن أكبر المكاسب من هذا العمل هى بطلته "ماجى بو غصن" والذى سيكتب لها عند المشاهد اسمها بالخط العريض ولا أستبعد احترافها فى الدراما المصرية فى أقرب فرصة.
تطور الدراما اللبنانية بلا شك إضافة قوية ومجهود وإبداع يحترم خاصة أنها تتسم بشكل خاص ومميز مع السعى للنضوج ليزال هناك المزيد قادم فهذه النجاحات الدرامية اللبنانية المتواصلة والتى ثبتت أقدامها بمذاقها الخاص جعلت منها الـ "بونبوناية" الرقيقة على سفرة الدراما المصرية الغنية والدسمة والتى "استطعمها" الجمهور لينادى لها ............... "بونبوناية .. لبناناية".