عادى.. تستيقظ كل يوم على «خبر»، تحس معه أنك تعيش فى حتة تانية.. أو أنه يتم استدراجك إلى ما لا تعرف عاقبته.. المشكلة أن مسارات بعض «الأخبار»، تتجاوز فى خطورة دلالاتها، فكرة «الخبرية»، التى تكون أنت آخر من يعلم بها.. خذ الخبر المنقول عن العربية نت، الذى نشرته الزميلة «المصرى اليوم» مشفوعاً بالصور التى لا بد أن تتوقف عند ما تشير إليه، الخبر يزف البشرى بأنه قد تم تخصيص سيارات أوتوبيس للسيدات فقط.. سيارة على كل خط، بنفس التعريفة، تركبها النساء وتقودها نساء وحتى الكمسارية أيضاً نساء.. وذلك منعاً للتحرش وتوفيراً لخدمة لائقة للنساء على غرار عربات المترو، دعك من أن الخبر لم يذكر تبعية أو اسم الشركة، مكتفياً باسم نائب رئيسها، السيد عمر الإنجليزى الذى أكد أن الشركة حريصة على تقديم خدمة مميزة ولائقة وبمستوى عال «للحد من التحرش»، كأنه لا سبيل لأى إصلاح اجتماعى إلا بفكرة «الفصل» بين الجنسين.. لا سبيل لإنسان سوى إلا بالسحب فى اتجاه مجتمعات، هى نفسها تحاول استعدال حالها، خذ عندك الأهم، بالنسبة لى على الأقل: الصور التى صاحبت الخبر قدمت الست «الكمسارية» بالنقاب، ونقاب آخر لسيدة تجلس على مقعد القيادة، مقعد السائق، بالنقاب.. فيه أجمل من كده «فخاخ».. أو هكذا يكون «تسلل» الأفكار والا بلاش.. فصل بين الجنسين ونقاب، والخيار لك.. تتعرض «الست» للتحرش، فى فضاء عام، لا يحظى بالفصل والنقاب «العلامة»، أو تتم معاملتها إنسانياً باحترام ومستوى لائق (على حسب تعبير السيد نائب رئيس الشركة) فى أوتوبيس «اللوجو» بتاعه النقاب؟! هذا هو الطرح بوضوح.. تريدون معاملة «إنسانية»، معاملة محترمة؟ أهلاً بكم فى مجتمع «النقاب»، بكل دلالته ورمزيته.
من أنتم.. ؟ وإلى أين تأخذون هذا البلد؟ النقاب، بمشتملاته هو المطروح كراية ورمز الحياة المحترمة على مرأى ومسمع من الجميع، هذه «التسريبات» الفكرية، التى يتم تمريرها، تؤكد أننا يمكن أن نلدغ مرة وعشر مرات، من نفس الجحور.. وبآليات لا تكف عن توظيف كل الثغرات، ومناحى الخلل.. النقاب الذى نجح الأستاذ الدكتور جابر نصار أن يستصدر من المحكمة الإدارية حكماً بعدم جواز التدريس به فى مدرجات الجامعة، أو ارتدائه فى التمريض بالمستشفيات الجامعية، يتم ترسيخه وتعميده، ويضرب «بجذوره» الفكرية فى دوره العظيم كمانع للتحرش.. يعنى، تحاصر النقاب فى الجامعة، يجيلك فى الأوتوبيس، وإيه «السواقة».. يعنى الشركة الطيبة التى تريد حماية الستات من التحرش، لم تجد «ست» بحجاب أو من غير حجاب تشتغل سواقة أو كمسارية، فقط «منتقبات».. وباختصار أمامنا حلان لا ثالث لهما: المجتمعات إما تنتقب أو تتحرش! ولا عزاء لنا فى وطن تتم جرجرته إلى «الشراك» علناً وبدون مواربة، ويارب ارزق هذا البلد بأناس يستحقونه.