يربط بعض المحللين بين المجزرة التى وقعت فى مسجد الروضة وطبيعة المسجد الذى ينتمى لطريقة صوفية، ويربط البعض الجريمة بتأييد المصلين للدولة المصرية، والحقيقة أن السببين وغيرهما من الأسباب اجتمعت لدى الخونة لارتكاب جريمتهم، والجريمة الإرهابية لها أربع أذرع: الأولى: الممول، سواء تنظيمات أو دول، والثانية: الفاعل، سواء كان إخوانياً أو سلفياً أو داعشياً، والثالثة: عالم الدين الذى يمهد للأمر من الزاوية الشرعية، سواء كان التمهيد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والرابعة: الهيئات التى لم تؤد دورها فى المواجهة الفكرية.
نتوقف عند ذراع التمهيد الدينى، فهناك أذرع جماعة الإخوان التى تلح ليل نهار للتأكيد على أن المؤيدين للجيش والدولة هم الخانعون المنافقون المنبطحون الكارهون للدين الذين يقوون الجيش على قتل المتدينين، ثم ذراع بنكهة سلفية ترجع لعام 1926م حيث تأسيس جماعة أنصار السنة المحمدية على يد المدعو «محمد حامد الفقى»، الذى نشر السلفية فى مصر وجعل جهاده الأكبر فى تكفير وتبديع الصوفية، ومن بعده سار أمثال: «الحوينى ويعقوب وبرهامى».
بالتأكيد لا يمكن لعاقل أن يقول إن هناك ارتباطاً تنظيمياً بين «الفقى» و«يعقوب وبرهامى» وبين المجزرة، ولكن هناك ارتباطاً فكرياً ولو بنسبة تقل أو تكثر، فما بالنا إذا كانت جماعة أنصار السنة توزع نسخاً بالملايين من كتيب صغير الحجم عبارة عن وثيقة منشورة عنوانها: «جماعة أنصار السنة نشأتها وأهدافها ورجالها»، أصدرها المركز العام للجماعة بالقاهرة، وفى الكتيب يدعو «حامد الفقى» إلى: (تحطيم مقامات الطواغيت والأصنام، التى أقيمت باسم الأولياء والصالحين، وباسم الكتب والمؤلفين، فصرفت الناس عن توحيد الله، وعبادته، وطاعته، والضراعة إليه، والاستعانة به، مما يسمونه التوسل، وهو شرك).
ثم يقول المدعو «حامد الفقى» فى فتوى ضمن كتيب صغير ملحق بالكتاب السابق عنوانه: (كشف اللثام عن الغش الذى أحدثه الدساسون فى عقائد الإسلام): «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقرأ هذه الفتوى، وليبلغها إلى كل من يستطيع من الأميين لتعميم الفائدة، فخذ هذه الفتوى وإن أغضبت الجماهير وشيوخ الجماهير»، فلننظر إلى نص الفتوى لنرى فيها بكل وضوح الدعوة إلى تكفير الصوفية، ويعلن أن من شروط الإسلام التخلص من رجسهم فيقول:
(أيها الإخوان أنصار السنة المحمدية.. أيها المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها.. الطرق الصوفية ليست من الإسلام فى شىء، والإسلام لا يعرف هذا التصوف بتقاليده وطقوسه، بل هو دخيل من الفرس والروم، وورثوه من الوثنيين القدماء، وقد ارتدوا إلى عقيدتهم الوثنية الأولى وجاهليتهم التى كانوا فيها خاسرين، إنهم يروجون الشرك والوثنية رواجاً كبيراً.. إن الطرق الصوفية المنتشرة فى الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتحارب الله ورسوله بهذه الغباوات البهيمية، هذه الطرق هى المعول الذى هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام، والطرق الصوفية هى اليد الأثيمة التى مزقت رقعة الدولة الإسلامية.. أيها المسلمون لن ينفعكم إسلامكم إلا إذا أعلنتم الحرب الشعواء على الصوفية بجميع ألوانها، وفى كل طرقها، وقضيتم عليها، فأخرجتموها من جنوبكم، وطهرتم أرجاسها من قلوبكم ومجالسكم ومساجدكم وزواياكم، إن عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم يهودية ونصرانية ووثنية، أسأل الله أن يخلص المسلمين من هذه الطرق الوثنية اليهودية وأن يخلص المسلمين من شرها عاجلاً».
اربط بين هذا وبين الإرهابى عادل حبارة، الذى أعلن أنه تأثر بالسلفى الشيخ محمد حسان، والإرهابى أيمن الظواهرى، الذى تأثر بشيخه السلفى ياسر برهامى، وعدد من المحرضين والتكفيريين الذين تأثروا بالسلفى محمد عبدالمقصود.
أليس هذا الفكر السلفى القُح قد شارك بالتمهيد الدينى فى المذبحة بسقى الثمرة؟!! فانضم بذلك إلى أذرع جماعات أخرى، وللأسف فإنهم يعتبرون «حامد الفقى» مجدد السنة ومحارب البدعة، كما اعتبر الإخوان سيد قطب مفسر العصر ومرجعية الأمة.