أنا مش من جماعة الإخوان.. بس بقول اللى يرضى ضميرى، هذه الجملة أصبحت من أكثر الجمل تداولاً فى العديد من المواضع والمواقع فوق أرض المحروسة، وخصوصاً وسائل المواصلات: المترو، الأتوبيسات، الميكروباصات التى تحولت إلى منتديات حوار بين المصريين، ويبدأ المنتدى فى العادة بحديث عن جماعة الإخوان أو الدكتور الرئيس «محمد مرسى»، فيأخذ البعض فى توجيه النقد أو اللوم إلى أيهما على موقف أو طريقة أداء، فى حين يبادر آخرون إلى الدفاع، وعندئذ يخرج الصوت العاقل والحكم العدل ما بين المختلفين فيأخذ فى الحديث ويقول:
أنا مش إخوان يا جماعة، وعلى فكرة لم أنتخب محمد مرسى فى الجولة الأولى من الانتخابات، انتخبته فقط فى الجولة الثانية؛ لأنه لم يكن من الممكن أن أختار شفيق.. كلام معقول جدا، ثم يستطرد قائلاً: لكن المشكلة أن الجماعة لم تأخذ فرصتها كاملة فى مجلس الشعب، وجرى المجلس العسكرى وحله، أما الرئيس فلا يستطيع حتى الآن أن يتحرك على راحته، فالمجلس العسكرى يقف له بالمرصاد ويغلق فى وجهه كل الأبواب، عندما أعاد مجلس الشعب «عشان» يشوف مصالح الناس، جرت المحكمة الدستورية وألغت قراره، وهى تريد أيضاً أن تحل الجمعية التأسيسية المسئولة عن كتابة الدستور؛ لكى يستمر الإعلان الدستورى المكمل الذى يمنح المجلس العسكرى صلاحيات مجلس الشعب، حط نفسك مكان «الراجل» وقل لى ممكن تعمل إيه؟
وحتى يتم «الراجل اللى مش إخوان» مهمته على أكمل وجه فإنه يذكرك بوسائل الإعلام وموقفها من الرئيس والانتقادات التى توجهها إلى الإخوان، لا لشىء إلا لأنهم يريدون تطبيق شرع الله، ليوفروا لهذا الشعب الطيب دولة تشبه دولة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، الحاكم العادل الذى لم يكن يغمض له جفن حتى يطمئن على رعيته، والمثير أن المواطن العادى لا يكف -وهو يسمع هذا الكلام- عن تشغيل «الهزازة» فيرتفع رأسه وينخفض دلالة على تصديق ما يسمع، ولو أنه سمع كلاماً معاكساً فلن يبخل عليه بـ«الهزازة» أيضاً، فتلك هى عادته.
والإنصاف يدعونا إلى القول بأن هذا الأسلوب فى توصيل رسالة الإخوان وأفكارهم ومواقفهم إلى الناس يجدى فى الواقع كثيراً، فما أسهل أن يصدق الإنسان العادى شخصاً عادياً مثله، يركب ما يركب ويلبس ما يلبس ويتحدث بطريقته، وما أصعب أن يصدق بهوات القنوات الفضائية الذين يحدثونه باستعلاء وبلغة لا يفهمها، ومع ذلك فـ«المصرى» ليس ساذجاً وهو على استعداد لأن يعطى الفرصة كاملة لمن يريد أن يتكلم؛ ليختبر كلامه بعد ذلك فى الواقع، وإذا ثبت له عجز من يقول الكلام المزخرف عن حل مشكلاته، فما أسرع أن ينقلب عليه؛ لأن التجربة أثبتت أنه «بق»!