بروفايل| «ترامب»: فن التجاهل
صورة تعبيرية
لم يكترث كعادته بفتيل النيران الذى أشعله فى العالم العربى حين أبلغ عدداً من الرؤساء والملوك العرب بعزمه على نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس. على العكس تماماً، أعطى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ظهره للنيران التى تتأجج فى الصدور دون أن يعبأ بها أو تثير اهتمامه، ولعله نام قرير العين فى انتظار بزوغ شمس يوم الأربعاء، الموعد المحدّد لإلقاء خطابه الذى يعلن فيه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بناءً على قرار من الكونجرس الأمريكى، غير مدرك لما قد يسبّبه قراره من توتّر فى منطقة الشرق الأوسط، التى تئن شعوبها بفعل حروب أهلية وحروب بالوكالة وصراعات قوى من داخل وخارج المنطقة. استخفاف «ترامب» وتجاهله التحذيرات الصادرة من الشرق الأوسط والعالم من نسف عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ليس جديداً، البعض يفسّره بطابع المقامرة الذى يُغلّف شخصية الرئيس الأمريكى، فهو رجل الأعمال الشهير الذى اعتاد المغامرة فى الحياة، والصفقات، وحتى فى السياسة، فحين أعلن عن ترشّحه فى 2015، كان عدد قليل من المحللين يرى أن له نصيباً فى المنافسة، إلا أنه استطاع أن يتجاوز منافسيه الأقوياء، ويكون الخصم القوى للسياسية المخضرمة هيلارى كلينتون ويفوز عليها، وذلك رغم فقر وضحالة فكره السياسى.
لا يدرك الرئيس الأمريكى أن قبول الولايات المتحدة مطلب إسرائيل اعتبار القدس عاصمتها الموحّدة يخالف السياسة الأمريكية القائمة منذ عقود، والتى تقوم على أن وضع القدس تحدّده المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث يريد الفلسطينيون القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية، ولا يعترف المجتمع الدولى بالسيادة الإسرائيلية على المدينة بالكامل، وبإعلان «ترامب» ستصبح الولايات المتحدة أول دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.
بعض المراقبين يرون أن قرار «ترامب» ما هو إلا حلقة جديدة فى سلسلة مواقفه الغريبة، حتى قبل وصوله إلى سدة الحكم فى البيت الأبيض، حيث عارض بشدة مشروع أوباما من أجل السماح بقدوم 10 آلاف لاجئ سورى إلى الولايات المتحدة، كما اقترح بناء جدار عازل على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، وعقب مقتل 14 شخصاً فى عملية إطلاق نار فى مدينة «سان بيرناردينو» بكاليفورنيا عام 2015 قام بها مسلم، طالب بعدم دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، كما طالب باعتماد بطاقة هوية خاصة بالمسلمين لذكر الديانة وتخصيص قاعدة بيانات لهم، ومراقبة المساجد.