من أشهر القصص التى لاقت رواجاً كبيراً وشعبية هائلة على مستوى العالم، كانت رائعة ألكسندر دوما "الكونت دى مونت كريستو" وربما جاء الارتباط بها من فكرة العودة للانتقام، وهو ما أغرى الكثير والكثير لتحويلها لأعمال فنية بأشكال متنوعة بمعالجات مختلفة حققت نجاحات كبيرة بأبطال مختلفة من واقع قصة مكتوبة بمنتهى التشويق والإثارة تجذبك من الداخل للتفاعل معها.
ربما لم يتخيل "ألكسندر" وهو يكتب قصته المستوحاة جزئياً من أحداث حقيقية كل هذا النجاح وأن هذا الذى تعرض للسجن ظلماً ممن غدروا به ثم عاد لينتقم ممن ظلموه بعد حصوله على الكنز وتحول لصاحب سلطان وقوة سيصبح بطلاً شعبياً بل أيقونة لانتقام المظلوم ... وربما أيضاً لم يتخيل أن تتحول روايته بعد سنوات طويلة إلى حقيقة ولكن بمعالجة مختلفة تماماً أبعد ما تكون عن التوقع أو الخيال!
المعالجة هذه المرة قادتها الحياة مع فنان واجهها بكل جبروتها ليعود بكل قوته يكتب اسمه ثابتاً لا يتزحزح منطلقاً فى طريق واحد فقط بكامل طاقته إلى الأمام يخترق كل تفاصيل الأحداث تاركاً توقيعه مضيئاً .... "أحمد زاهر".
عودة "أحمد زاهر" القوية والمتصاعدة تجعلك تقف أمام تفاصيلها وتتأملها برؤية مختلفة وربط مختلف مع الأحداث فبشكل قاطع وغير قابل للشك النجاح الذى حققه "زاهر" فى مسلسل "الطوفان" والشعبية الجارفة لشخصية "عمر" تضعه فى مصاف النجوم الكبار بمنتهى الثقل فالوضع هنا يختلف تماماً عن كل ما قدمه من أعمال سواء كانت درامية أو سينمائية فمشاركة "زاهر" فى عمل ضخم ومتكامل يضم 22 نجما ونجمة يتقاسمون البطولة فى مباراة منتهى القوة بعمل أشبه بـ "المنتخب" الذى ضم أكثر اللاعبين مهارة ليحقق فوزاً ساحقاً أمر منتهى الصعوبة لأنه يحتاج تركيزاً ومجهوداً نفسياً وذهنياً وعصبياً مرهقاً والأصعب أن تكون مضيئاً وسط كل هذه الكوكبة وتصبح حديث الشارع وجلسات المشاهدة والـ "سوشيال ميديا" وسط هذا التنافس من "وحشنة" الأداء ..... وقد فعلها "أحمد زاهر".
صعوبة الشخصية فى التحولات الهستيرية التى أصابتها فجعلت المشاهد يترقب ما سيحدث لـ "عمر" فى كل نقلة بل ويضع يده على قلبه من النهاية التى ستضربه وهذا التوتر فى الحقيقة هو نتاج الأداء المتصاعد الذى قدمه "زاهر" ممسكاً بخيوط "عمر" كالعروسة "الماريونيت" يتلاعب بها ويحركها بمهارة فائقة ومعها يتلاعب بأعصاب جمهور غفير يتابع المسلسل ويزيد تركيزه مع هذه الشخصية بالتحديد خاصة ما قدمه من أداء مركب ومتميز فى الحلقات الأخيرة ليحقق مع نهاية "الطوفان" أكبر نجاح فى مشواره الفنى بشهادة رسمية مختومة إنتاجياً وموقعة من ملايين الشهود.
فى عمل اختار لنفسه أن يحاكى الروائع من "ليالى الحلمية" و"الشهد والدموع" و"المال والبنون" مزيناً نفسه بمجموعة متميزة من نجوم المرحلة اختار "زاهر" أن يكتب بنفسه شهادة ميلاد جديدة يدخل بها مرحلة فنية جديدة ومختلفة بدأت بتقديمه الأصعب والأكثر تعقيداً فى مسلسل "اختيار إجبارى" بشخصية "آدم" وهى الأغرب والأكثر غموضاً واستفزازاً فى مشوار "زاهر" الذى جاء إتقانه لها معقداً أيضاً لتسأل كيف جاء ترشيحه لها وكيف وافق عليها وكيف قدمها بكل هذه الصعوبة وفى الوقت الذى خرجت فيه "حورية فرغلى" من المنافسة بشكل مؤسف فى مسلسل "الحالة ج" تحمل "زاهر" عبء تحقيق المشاهدة منفرداً لينقذ بمهارته عمل كامل يعرض فى رمضان أهم وأشرس موسم للدراما لترفض 2017
أن تنتهى دون مكافأة خاصة له بـ "الطوفان" فيغلق "زاهر" دفتره لهذا العام معلناً عن نفسه بنفسه كـ "طوفان" قادم.
فى نظرة تأملية لرحلة فنان اسمه "أحمد زاهر" ستجده حقق نجاحه وشهرته كاملة منذ ظهوره الرسمى الأول فى مسلسل "الرجل الآخر" مع النجم الراحل "نور الشريف" وبزغ نجمه بقوة وتوالت أعماله ونجاحاته ليصيبه الـ "غدر"من الظروف القاسية ويتعرض لمرحلة مرضية مريرة جعلته "سجينا"ً لها بعيداً عن العمل والأضواء والشهرة تذوق فيها كل معانى الحرمان من لذة الدنيا فيواجه بكل ما يمتلكه من إيمان وقوة وإرادة ليتخطاها و"يخرج" منها ويقبض على "كنزه" من الموهبة فيعود من جديد وبمنتهى القوة الغاشمة التى لا تفرق بين دور وآخر لـ "ينتقم" من كل الظروف التى عرقلته وغدرت به فى أوج نجوميته ويحقق انتصارات كبيرة ومتتالية جعلت منه وبجدارة "الكونت دى مونت زاهر".
يستحق "زاهر" أن يتحول إلى "أيقونة" للإرادة والصبر والثبات والقوة والإيمان ثم النجاح كما يستحق أن يكون "نموذج" للكبار والصغار يحتذى به بل أن حياته قد تكون مادة ثرية جداً لعمل فنى قوى مؤكد سيحقق نجاحاً كبيراً ربما يفوق نجاحه الفنى هو شخصياً ... يستحق "زاهر" أن يأخذ حقه ..... يستحق البطولة!
أصبح الجمهور يعلو بصوته متسائلاً "متى سيتم تصعيد أحمد زاهر للبطولة المطلقة؟!" خاصة بعد التصعيد الذى رأيناه لعدد من الفنانين يستحقونه مثل "طارق لطفى" و"ياسر جلال" لتزيد القناعة أن القادم لابد وأن يكون "زاهر" والذى أصبح قادراً بجدارة أن يحمل اسم ومسئولية عمل ويتم تسويقه بشكل واسع خاصة أنه يتميز عن الجميع بأنه "لاعب مهارى" من النوع الفريد فـ "زاهر" يمتلك الخلطة المغرية لأى منتج ليجذب بها الجمهور ... الشر والكوميديا اللايت والتراجيديا والأدوار المركبة وغيرها من التنوع المفترض صعوبة اجتماعه فى شخص فنان واحد منذ رحيل العملاق "عادل أدهم" ما جعله مصدر ثقة خارج الحدود وفتح الباب لمشاركة الفنانين المصريين فى الأعمال العربية من إنتاج لبنانى بعد نجاحه الكبير فى تجربته بمسلسل "علاقات خاصة" فكان جواز المرور لهذه الفئة من الأعمال للسوق الدرامى المصرى.
حتى الآن يعف لسان "زاهر" وشخصيته عن طلب البطولة ويستمتع ويمتع جمهوره بمهاراته المتعددة من خلال البطولات الجماعية التى صنع بها من نفسه بطل دوره فى كل عمل يشارك فيه بتركيبة أداء مشفرة خاصة به تعلنه "رئيس جمهورية نفسه" حتى إشعار آخر.
تنتهى السطور وتستمر رحلة نجم مدعمة بثقل موهبته وجدار خارق من الثقة التى بناها لدى جمهوره ولم يخذله حتى الآن متحدياً كل الصعاب والعقبات والحواجز محارباً ليحافظ على مكانته ويزيدها بالجهد والتركيز و"الشغل على نفسه" مكتسباً الإعجاب والاحترام والتقدير وزيادة من الرصيد الجماهيرى.
الآن... وعلى أعتاب الصف الأول.. يقف واثقاً ينتظر إشارة الانطلاق والقفز لمكان آخر يستحقه بجدارة....
إنه ...................... (الكونت دى مونت زاهر).