يستشعر الناس «فارق السرعات» ما بين الأداء فى المنظومة التنفيذية الحكومية وبين ما يمكن متابعته من مشروعات يتولاها الجيش.. فى مشروعات الجيش التزام بمواصفات وزمن.. إلى آخره.. الأهم هو حالة «الاستباق».. استباق الأزمة.. فى أداء الحكومة، أنت وأنا على باب الله.. فى أمثالنا الشعبية الكثير مما يمكن استعارته ونحن نتكلم عن «فارق السرعات».. الحكومة لا تريد أن تصدق «أنه بعد العيد مايتفتلش كحك».. المعنى ببساطة يشير إلى البعد الزمنى وأهميته.. الحس الشعبى يقول إن التوقيت عنصر حاسم.. كل ما سبق مجرد تقدمة لما جرى للفنادق العائمة أو المراكب التى تحمل السياح يوم الاثنين الماضى، أياً كان العدد.. بلد، بعد أن كان دخله سنوياً ١٢ مليار دولار، وأصبح يعد عدد سائحيه «بالنفر».. ربنا فتح على هذا البلد هذا الموسم، وجاء عدة آلاف بتعاقد يتضمن رحلات نيلية معروف توقيتاتها، وظروف الملاحة النهرية فى هذا التوقيت.. المعروف أن السدة الشتوية لنحو شهر ونصف، من ديسمبر وحتى منتصف يناير، مما يستلزم عملية «تكريك» لمسافات بعينها، ما بين الأقصر وأسوان، ليتواءم عمق النهر وغاطس المراكب.. يوم الاثنين الماضى «شحطت المراكب».. قيل ٣٥ مركباً عند أسوان و٨ عند الأقصر.. . طبعاً لك أن تتخيل سائحاً جاء فى إجازة بترتيب مسبق، وقد سدّد النفقات مقدماً.. سائح راهن على أوقات سعيدة يمضيها فى مصر رغم كل الظروف، وبعد كل ذلك تُفسد كل الترتيبات، لأن هيئة النقل البحرى المسئولة عن إجراء عملية التكريك منذ ٢٠١٠، لم تقم بعملية «التكريك».. لماذا؟ يجيب السيد رئيس هيئة النقل البحرى: السنين اللى فاتت ماكانش فيه مراكب! طيب، ولما ظهرت تباشير انفراج سياحى هذا العام واستشرف أن الشتاء سوف يأتى معه سائحون؟ لماذا لم تقم الهيئة بالتكريك؟ يقول رئيس الهيئة: «عملنا مناقصة فى منتصف سبتمبر والشركة التى رست عليها العملية بدأت العمل فى منتصف نوفمبر»، أى أن الشركة بدأت قبل خمسة عشر يوماً من ديسمبر الذى هو ذروة الإجازات للسائح الغربى عموماً.. التكريك كان حتمياً وضرورياً لمسافة ٩٢، والطبيعى أنه لم يتم.. لماذا؟ يقول المسئول نفسه: «إحنا مربوطين بسنة مالية تبدأ أول يوليو.. قول الفلوس وصلت آخر يوليو»، طيب الفلوس وصلت آخر يوليو، لماذا لم يعلن عن مناقصة التكريك إلا بعد شهرين؟ ويزيدك المسئول من الشعر بيتاً، ويشير إلى سرقة ٥٨٣ «شمندورة» (التى تُستخدم فى إرشاد المراكب)، أثناء الثورة! طيب ولماذا لم يتم إحلال بديل المسروق؟ خد عندك: لأن فى الخطة لدى الهيئة مشروع «جى بى إس» وخرائط إلكترونية وشاشات وكمبيوترات.. «انشالله!» حلاً للأزمة، اضطرت وزارة الرى إلى ضخ عشرين مليون متر مكعب من المياه، لإنقاذ الوضع، كما قال مسئول بوزارة الرى، السيد صلاح عز، الذى أضاف أن اجتماعاً عُقد فى وزارة الرى، ضم مسئولى السياحة والنقل البحرى والرى ومعهم الرقابة الإدارية، قبل الموسم، وتم عرض الموقف. وكل واحد عارف مسئوليته.. عشرين مليون متر مكعب من مياه، كل قطرة منها تساوى حياة، لأن هناك فارقاً فى السرعات.. السرعات وليس السرعة، «فارق السرعات» لا يعنى مجرد إدراك الزمن، لكن الرؤية الاستباقية، وحساب التداعيات وما يترتب من نتائج.. لا يعرف معظم الناس أسماء السادة الوزراء والمسئولين، فى حين أصبح اسم «كامل الوزير»، مألوفاً، متداولاً؟ هل يمتلك كامل الوزير «عصا سحرية» أو أنه امتلك «منظومة» و«انضباطاً»؟ امتلك حساً بالمسئولية.. مَن يتحمّل المسئولية ومَن يحاسب المسئول (المصر على أنه ممكن أن يفتل كحكاً بعد العيد) من كلفنا، ليس فقط عشرين مليون متر مكعب من المياه، بل مَن كلفنا فضيحة وكارثة، لا أتصور أن اعتذار وزير السياحة سوف يمحوها. واحدة من السواح، سائحة، كما قالت مستثمرة سياحية فى برنامج الزميل عمرو أديب (كل يوم) هدّدت بأنها سوف تكتب شاكية إلى الرئيس السيسى، مما جرى.. ومعها حق.