١) لم يكن المؤذن صبيحة الجمعة قد استعد للأذان بعد فى مسجد الدسوقى بضاحية حلوان.. وبدأ الناس فى منازلهم الاستعداد للتلبية.. حين دوى صوت إطلاق النيران فى محيط كنيسة مارمينا المجاورة.
لقد خرج الناس إلى النوافذ والشرفات.. ليدركوا دون جهد أن هجوماً إرهابياً يحدث.. وأن البعض قد قرر أن يقتل بعض الأبرياء تعبداً بدلاً من الصلاة!!
لم يتردد عامل المسجد أن يمسك بالميكروفون ليناشد الأهالى أن ينزلوا لنجدة الكنيسة وأهلها بدلاً من أن يدعوهم للصلاة.. ولم يتردد الناس فى تلبية ذلك النداء..!
واستوعب الجميع أن الميكروفون الذى نستعمله للدعوة للعبادة، ينبغى أن يستخدم فى ما هو لا يقل أهمية.. بل ما هو مقدم على الصلاة المفروضة..!
إنه مواطن «مصرى» لا أكثر ولا أقل.. «مصرى» دعا «مصريين» فى الميكروفون.. فاستجابوا!!
٢) لم أنسَ بعد ما حدث فى أوائل عام ٢٠١١.. حين انتشرت شائعة عقب حادث كنيسة القديسين، أن الفاعل المجهول سيستهدف الكنائس مرة أخرى ليلة الاحتفال بعيد الميلاد.. فلم يكن من الكثيرين من المسلمين -وأنا منهم- إلا أنهم أعلنوا مشاركتهم إخوانهم المسيحيين الاحتفال.
نعم.. لقد قررنا أن نوجد بالكنائس.. لنتحول إلى دروع بشرية لإخوتنا فى الوطن.. فنحيا معاً.. أو نموت معاً!
ما زلت أذكر نظرة الامتنان التى رأيتها فى عين جارى المسيحى وهو بجوارى فى تلك الليلة.. لقد أدرك يومها أن الأمر أكبر من عقيدة مختلفة.. وأن الوطن يحمل الجميع.. ونحمله فى قلوبنا!
٣) ربما انحسرت الهجمات الإرهابية كثيراً عما كانت عليه خلال الأعوام السابقة.. فقط يبقى ملاحَظاً أنها باتت «موسمية».. فلم يعد يمر شهر ديسمبر من كل عام إلا ونجد هجوماً على إحدى الكنائس كنوع من الإرهاب النوعى قبيل عيد الميلاد..!
الفكرة أن التصدى قد بات يحدث فى الآونة الأخيرة من قبل رجال الأمن والأهالى على حد سواء.. وهو ما يعد تقدماً يجعل الإرهابيين يشعرون بالقلق.. وتغيراً نوعياً يجعلنا نشعر ببعض الاطمئنان.. ونطالب بالمزيد من الحذر!
٤) نقاط مضيئة كثيرة نجدها تظهر فى كل حادث يستهدف زعزعة استقرار هذا الوطن، يمكن اعتبارها مكاسب حقيقية نفوز بها رغم الألم الذى يصيبنا.. وكل تلك الدماء التى تسيل..!
نقاط يمكن أن تراها جلية فى شجاعة ذلك الرجل الذى هجم على الإرهابى بعد إصابته لينتزع من يده السلاح ويشل حركته..
تراها فى ذلك الازدحام حول مستشفى حلوان عقب الحادث للتبرع بالدم للمصابين.
نقاط ربما كانت مصدراً للفخر والعزة.. ومفادها أن النصر مقبل لا يحتاج إلا.. أن تكون مصرياً!