الدكتور «سعد الدين إبراهيم»، أستاذ علم الاجتماع السياسى ورئيس مركز ابن خلدون، زار إسرائيل، خبر أقام الدنيا واستفز النخبة المثقفة والوطنية فى العالم العربى، وأشاع التوتر داخل مجلس النواب.. رغم أنه «خبر عادى»!
نعم «عادى»، فالمشكلة ليست فى سلوكيات «إبراهيم» ولا دعوته للمصالحة مع الإخوان، ولا انتمائه لقطر «قلباً وقالباً».. المشكلة فينا نحن لأننا نتعامل معه بصفته «مواطناً مصرياً».. وهو فى الحقيقة «مواطن أمريكى»، يعتبر مصر مجرد حقل تجارب، وأرضاً عربية ينفذ فيها تعليمات البيت الأبيض، منذ دعت «كونداليزا رايس» لما سمته الفوضى الخلاقة!
حين تعرّض «د. سعد» للسجن فى عهد «مبارك» مارست الإدارة الأمريكية ضغوضاً رهيبة على النظام المصرى للإفراج عنه، وكانت زوجته «باربارا» تعقد المؤتمرات بصفتها (أمريكية تدافع عن زوجها المحبوس فى سجون «غريبة»).. وبالفعل خرج «إبراهيم» من محبسه.. ليستكمل دوره المشبوه!
أنا لا أملك «أدلة قاطعة» على إدانة «إبراهيم»، لكنه قال بنفسه للإعلامى «طونى خليفة»: «إن لكل عربى وطنين، وطنه الأصلى والوطن البديل هو مصر، وذلك بشهادة التاريخ»، أما هو فله أوطان بديلة وهى: أمريكا وقطر ودول أخرى.
لقد تحدى «إبراهيم» الموقف الشعبى من التطبيع، وهو «المقاطعة» التى اتفق عليها الشعب المصرى منذ معاهدة «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، عام 1979.. وقال للتليفزيون الإسرائيلى إنه يزور تل أبيب منذ 20 سنة، وزيارته الأخيرة هى المرة الثالثة!
هناك «قرائن» كثيرة تدين المفكر الأمريكى الذى يخترق المجتمع المصرى بمركز أبحاثه المشبوه «ابن خلدون»، وهو نفسه علامة استفهام كبيرة فى علاقاته المتشعبة والمتعددة واختراقه لمختلف الجماعات الأصولية والأحزاب والمنظمات الحقوقية.. وقبل أن يدخل زنزانة «مبارك» خصص له التليفزيون المصرى برنامجاً تليفزيونياً، وبعدها تم اتهامه بـ«الإساءة لصورة مصر» و«الحصول على أموال من جهات أجنبية دون إذن حكومى»، ثم دعت منظمة العفو الدولية -آمنستى إنترناشونال- الحكومة المصرية إلى إطلاق سراحه.. وفى عام 2000 وجهت النيابة المصرية له تهمة «التجسس لحساب الولايات المتحدة الأمريكية»، ثم برّأته محكمة النقض المصرية!
أنت لا تستطيع محاكمة «إبراهيم» بالقانون، لكن محكمة «الرأى العام» أشد قسوة، وأحكامها لا تقبل النقض، لقد لعب «د. سعيد» كثيراً بورقة «اضطهاد الأقليات» وتربّح من ملف «الأقباط والنوبة»، ونصب من نفسه حامى حمى الأقليات.. رغم أن ولىّ نعمته (البيت الأبيض) سعى جاهداً لتفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية ودينية!
من ضمن تناقضات «إبراهيم» أنه دعا للمصالحة مع جماعة الإخوان «الإرهابية»، مارس 2016، لوقف ما سماه «نزيف الدم»، بعدما لمس رغبة لدى شيوخ الجماعة فى هذا الأمر عندما كان فى زيارة لدولة «تركيا»، وأكد علاقته الوطيدة مع النظام القطرى، وخصوصاً الشيخة «موزة»، لكنه فى نفس الوقت يؤمن بوجود علاقة ما تربط بين النظام القطرى وتنظيم الدولة «داعش»، مشيراً إلى أن الإخوان أوهموا القطريين بأن «داعش» قد تصلح ذراعاً خارجية لهم.. إنه لغز آخر من ألغاز الرجل العجوز (!!).
أما آخر «افتكاسات» المحنَّك السياسى فكانت الدعوة إلى «انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة»، فى محاولة خبيثة لإفشال الدولة المصرية.. وهو ما تعاملت معه القوى السياسية كأحد أعراض «ألزهايمر» والهذيان السياسى!
لقد ذهب «إبراهيم» إلى إسرائيل يروج للتطبيع فى وقت تلتهب فيه المشاعر، بعد قرار «ترامب» بنقل السفارة الأمريكية للقدس.. فلماذا أصبح متبلد المشاعر؟.. لأنه، كما قال عن نفسه، لا يهتم إلا بمصدر التمويل، وهو بحسب قوله: «زوجته باربارا أمريكية الجنسية»!.