أطلقت مؤسسة طابة، برئاسة الداعية والرمز الإسلامى الكبير «الحبيب على الجفرى»، مبادرة بالاشتراك مع قناة dmc عبر برنامج مساء dmc، الذى يقدمه الأستاذ أسامة كمال، وذلك فى 2017م، وتتمثل المبادرة فى استخلاص المواقف المشرفة والمشرقة بين عنصرى الأمة (المسلمين والمسيحيين) وتعليمها للصغار فى المدارس، مع تحويل المسار المعتاد الذى يتبنى فيه الخطاب الإسلامى المعتدل نماذج مشرقة من مواقف المسلمين تجاه الأقباط، ويتبنى الخطاب المسيحى المعتدل نماذج مشرقة من مواقف الأقباط تجاه المسلمين، فنعكس الأمر، ليتبنى المسلمون ذكر مواقف الأقباط المشرقة وهى كثيرة جداً، ويتبنى الأقباط ذكر مواقف المسلمين المشرقة وهى كثيرة جداً.
المبادرة مهمة للغاية وهى الفريضة الغائبة، وتمثل عوضاً عن الصور المسيئة والسلبية التى ينقلها المتشددون من الطرفين، على اعتبار أنها الأصل فى الشعب المصرى، مع أن الصور المضيئة هى الأصل والعنوان للمصريين منذ التقى عنصرا الأمة على أرض الوطن.
هناك من يغذى صور الفتن والنزاعات واستغلال الثقوب، وهذا يجعل المبادرة ضرورة وإن كان مضى عليها عدة شهور، لكنى أهمس بعتاب فى أذن «الجفرى» و«كمال»، لأن جهداً كبيراً كان يجب أن يتم بعد الإعلان عن المبادرة، فـ«الجفرى» شخصية معروفة وله سطوة ونفوذ وقبول علمى ونفسى فى مصر وخارجها، والأستاذ أسامة كمال له علاقاته مع الرئيس والوزراء والمسئولين، فلماذا لا تتم مخاطبة وزير التعليم للمضى فى تنفيذ المقترح لوضع النماذج المشرفة فى المقررات الدراسية؟ ولماذا لا يتم التواصل مع وزير الأوقاف والكنيسة المصرية لتكون النماذج المشرفة على المنابر يوم الجمعة وفى الكنيسة؟ ولماذا لا يخاطب الأستاذ أسامة كمال رئيس الجمهورية لبدء التنفيذ فى مقترح يضمن إلى حد بعيد وقف الفتنة بين طرفى الأمة، وهى الفتنة التى يغذيها المتشددون من الطرفين، وتغذيها أطراف داخلية وخارجية والخاسر منها هى مصر؟
إننى هنا أسهم بدورى -فى هذا المقال والذى يليه- فى طرح نماذج مشرفة يجب أن يحفظها الكبار والصغار إحياء للمبادرة.
النموذج الأول: جاء وفد نصارى نجران لرسول الله فأنزلهم فى المسجد النبوى، كما سمح لهم بإقامة صلاتهم فيه، فكانوا يصلون بجانب المسلمين، ورسول الله والصحابة يصلون فى جانب آخر لا يبعد عنهم.
النموذج الثانى: وقف الأب سرجيوس على منبر الجامع الأزهر بالقاهرة إبان ثورة 1919م فقال كلمة وطنية بليغة: «إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر بحجة حماية الأقباط، فأنا أقول: فليمت الأقباط وليحيا المسلمون أحراراً، وإذا كان الاستقلال يحتاج إلى تضحية بمليون قبطى فلا بأس من هذه التضحية».
النموذج الثالث: أراد الخديو عباس طرد المسيحيين من مصر إلى السودان فكان الذى تصدى له ووقف فى وجه اقتراحه رافضاً منكراً مهدداً هو الإمام البيجورى، شيخ الأزهر، وقال: هذا لن يكون، فالأقباط شركاؤنا فى الوطن.