أفلس الداعية «عمرو خالد»، لم يعد رصيده من الأدب المفتعل والخشوع الزائف، والتمثيل السمج، يكفى لجذب مزيد من الأتباع والمريدين، ولا يسمح بجلب المزيد من «المنح والهبات والتبرعات».. فقرر أن يلعب لعبة «زغلول النجار»، الذى زعم أنه يحتكر حقائق «العلم والإيمان»، وظل يعدد فى شهاداته وإنجازاته، التى لم نرَ منها إلا بلبلة الناس، ويروى «حواديت» مشكوكاً فى صحتها، عن علماء أجانب أسلموا عندما اطلعوا على «الإعجاز العلمى للقرآن»، الذى احترفه «النجار».. واعتبره الطريق الوحيد لتنقية وجه الإسلام والمسلمين!
ولأن نشر «الخرافة» مهمة سهلة، والتلاعب بعقول البسطاء وشيطنة «العلم والعلماء» بضاعة رائجة.. قرر «خالد» أن يدخل ملعب «الإعجاز العلمى فى القرآن» من باب محاربة «الإلحاد».. وهو لا يعرف عن العلم -بفروعه المختلفة- أكثر مما أعرفه أنا عن اللغة اليابانية!
بداية، «القرآن الكريم» كان معجزة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ لأنه «الأمى» الذى تلقى وحياً إلهياً معجزاً، فاتهمه المشركون بأنه شاعر، أو مجنون، أو كاهن.. قالوا: إنّه شاعر، فجاء الرد الإلهى منكِراً عليهم ادعاءهم، فقال تعالى: ﴿ما هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ﴾ (سورة الحاقة: 41).. وقالوا: إنّه ساحر؛ ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ﴾ (سورة يونس: 2).
والقرآن كتاب «هداية»، ودستور لحياة البشر، وليس كتاباً فى الكيمياء أو الفيزياء، ولا منشوراً للدروشة الفكرية، والتعامل معه لا بد أن يكون بقدسية وإجلال.. ولا يجوز لـ«زغلول» أو «خالد» أن يجعله وسيلة للتربح ونشر «التوهان»، بزعم «المقارنة» بين كتاب منزل من السماء وتجارب علمية ومعملية يقوم بها «البشر»!
لكن «عمرو خالد» بعد أن انهارت أحلامه فى الزعامة السياسية، ومات حزبه السياسى الذى قرر إنشاءه عام 2012 بالسكتة السياسية، وخسر رهانه على «الإخوان» وظل مختفياً خلال ثورة 30 يونيو.. لم تمت أوهامه ولا طموحه الأعمى وشراهته لسطوة النجومية وسحر الثروة.. فعاد بعد مراجعة أوراقه، عاد أميناً عاماً لحملة «أخلاقنا» مع الدكتور «على جمعة».. متخيلاً أن الشاشات سترحب به وأن عملية «غسيل السمعة» كفيلة بتجميل سقطاته الأخلاقية والسياسية، وعودته كداعية للأخلاق.
ثم سقط ثانية، (مثل لاعب سيرك فاشل)، حين ابتذل مناسك الحج وأعطى ظهره للكعبة ووقف أمام الكاميرا ليدعو لمتابعيه، على صفحته على الفيس بوك، وهو يكاد يبكى من فرط التأثر، بملامحه المحايدة الخالية من أى تعبيرات مقنعة، مع ملاحظة أن «عمرو» يدعى أن متابعيه يصل عددهم إلى 28 مليون شاب وفتاة.. وتلك كارثة لأنها اختراق للأمن القومى للدولة التى لا تعلم شيئاً عن علاقاته الخارجية، وتبعيته لجماعة الإخوان الإرهابية!
الدولة التى تغاضت عن معارضته لمقاطعة «قطر»، عقب نشره لتغريدات على موقعى «تويتر، وفيس بوك»، يُفهم منها أنه يؤيد «قطر» فى مواجهة المقاطعة العربية، حيث كتب عن: (حصار الشِّعب حمى النبى، وجعل «أبوطالب» يفرض سيطرته عليه، لتأمينه من تسلل قريش وقتل النبى).. وتلا ذلك بوستات تعدد فوائد الحصار على المسلمين.. وهو ما اعتبره البعض تأسياً بشيخه «القرضاوى»، الذى شبّه «تميم بن حمد»، وأنصاره، برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بينما شبّه الدول التى قاطعت «قطر» بكفار «قريش»!
وفى كل مرة يسقط «خالد» من سماء النجومية يفتش عن «بضاعة جديدة»، تنموية كانت أو دعوية، دينية أو سياسية، والآن عاد -بجرأة يحسد عليها- ببرنامجه «بالحرف الواحد» ليقحم القرآن فى تفسيرات خاطئة لنظريات فيزيائية معقدة، ويلوى عنق الآيات فى تفسيرات خاطئة ليتناسب المعنى مع ما يريد توصيله من معلومات لمتابعيه، مما يعد تطاولاً على قدسية القرآن!
وقد تصدت الباحثة «هدير الحبشى»، باحثه الدكتوراه بمعهد ماكس بلانك بألمانيا، والحاصلة على ماجستير الفيزياء من الجامعة الأمريكية، تصدت للرد على ما وصفته بـ«أكاذيب عمرو خالد» خلال الحلقة الرابعة التى حملت عنوان «اكتشاف علمى خطير.. سورة النور تقهر ظلام الإلحاد».
وحتى لا ندخل فى متاهة النظريات العلمية، وشرح علم ميكانيكا الكم، أكتفى هنا بوصف «الحبشى» لما قاله «خالد» بأنه «كذب»!
«عمرو خالد» لا يستطيع أن يتنفس خارج دائرة الضوء، فمرة يرتدى ثوب «المصلح الاجتماعى»، فيؤسس معسكرات «رايت ستارت» الخيرية الدولية البريطانية، وهى معسكرات شبه منتظمة، يقال إنها تهدف إلى التنمية الذاتية عن طريق عقد محاضرات وأنشطة للمشاركين فى هذه المعسكرات وتتضمن ألعاباً تربوية أو تنموية، وندوات ولقاءات للارتقاء بالشخصية.. والحقيقة أنها اختراق سافر لأمن المجتمع.. ومرة أخرى يرتدى «عباءة السياسى» ويتقرب من الخائن «مرسى».. والآن يتقمص دور «العالم» الذى يجب أن يتهافت الرأى العام لمتابعة تجلياته الفكرية!
للأسف الشديد، الدولة لا تحاسب «المشاهير»، ولا تفتش عن «النشاط السرى» لداعية المجتمعات المخملية، حتى المؤسسة الدينية تصمت على تطاول «داعية الصفوة» على قدسية القرآن الكريم!
نحن فى دولة تدوس على أعناق العلماء والمفكرين والمبدعين، وتجعل من «صناع الخرافة» زعامات وهمية.. مهما سقطوا أو تجاوزوا.. ولا عزاء للعقلاء!!