(1)
إذا أراد أحد أن يجد أسباباً للإحباط فى منطقتنا.. سوف يقع على أسباب لا نهائية.. كلُّ سببٍ يجرُّ وراءه أسباباً.. وكل ظلام يجرُّ من خلفه ظلمات.
وإذا أراد أحد أن يركن إلى العدميّة ويخلد إلى «راحة اليأس».. فلن يجد أمامه ما يمنعه أو يصده.. بل سيجد أعواناً متراصّين ومؤيدين بلا حدود.
يعمل الإعلام العربى والدولى على إعادة إنتاج دائرة اليأس والقنوط.. والخوف والفزع. وهذه جريمة كبرى نشارك فيها مجرمين كباراً.. قرروا هزيمتنا فى القلوب والنفوس قبل هزيمتنا فى المعارك والجيوش.
بعض اليائسين مخلصون وصادقون.. هم فقط انهزموا فى معركة الصمود النفسى والثبات الفكرى.. ولكن بعض اليائسين كاذبون وتابعون.. هم طابور خامس أخلاقى.. يزرع الوهن ويدعم القلق.. إنهم يمثلون منظومة كاملة.. من «خطاب الهزيمة».
(2)
إن بلادنا وأُمّتنا فى حاجة إلى تدمير الأطروحات الساذجة التى يطرحها العملاء والجهلاء.. أولئك الذين يدفعون شعوبنا إلى الإيمان بقَدَر الانهيار، وحتميّة السقوط.
إن الأمة تحتاج حقاً إلى استعادة الثقة فى ذاتها.. حاضراً ومستقبلاً.. تحتاج الأمة إلى سحق جحافل المستسلمين.. إلى إلحاق الهزيمة بخطاب الهزيمة.
(3)
لقد أعجبتُ كثيراً بالخطاب التاريخى الذى ألقاه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى مؤتمر نصرة القدس العالمى بالقاهرة.. ولقد كان ذلك الخطاب مثل كثيرٍ من فكر الإمام الأكبر.. مُحاطاً بالثقة والأمل، وممتلئاً بالحزم والعزم.
كما جاء خطاب الرئيس محمود عباس، الذى توزعت فى جوانبه مساحات هائلة من الحزن والشجن.. من (86) قراراً لمجلس الأمن و(750) قراراً للجمعية العامة للأمم المتحدة.. صدرت كلها لصالح فلسطين دون جدوى.. هو الآخر -رغم قتامة المشهد- يحمل الكثير من قوة الإرادة، وروح الانتصار.
(4)
إننا نحتاج إلى الطامحين.. إلى الذين لا يتعثّرون فى أثوابهم ويرون البعيد قريباً.. إلى الذين يطالعون المعضلات وعيونهم تذهب إلى البدائل والحلول.. الذى يرون معالم المأساة.. وعقولهم تبحث عن خروجٍ آمن.. تدرس الخطط والرؤى.. وتضع المعالم على الطريق.
إننا نحتاج إلى تأسيس منظومة كاملة.. تضىء ظلمات المنطقة البائسة.. تنهى خطاب الهزيمة وتبدأ خطاب العزيمة.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر