وإذ نواصل الحديث عن حماية الكنائس فى بلادنا، نرى من المناسب أن نشير إلى حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الصادر برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، بتاريخ 30 مايو 2016م. وتتلخص وقائع هذا الحكم فى أن إحدى المواطنات تقدمت بطلب إلى الإدارة العامة لرى البحيرة للحصول على ترخيص بإنشاء مرسى لمركب نزهة بالبر الأيسر لترعة المحمودية بمدينة كفر الدوار عند الكيلو 45٫5. وأضافت المدعية أن جهة الإدارة وافقت على السير فى إجراءات إصدار ترخيص بنشاط قاعة مناسبات على المركب المذكور، إلا أنها فوجئت بصدور قرار من الوحدة المحلية بكفر الدوار بغلق قاعة المناسبات بمركب المحروسة المملوكة لها، وذلك على سند من عدم موافقة الجهة الأمنية المختصة لوقوع المركب أمام كنيسة مارى جرجس، الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواها أمام محكمة القضاء الإدارى طالبة إلغاء القرار الإدارى المشار إليه وإلزام جهة الإدارة بمنح الترخيص اللازم للمدعية لإقامة المشروع.
وقد حكمت المحكمة برفض الدعوى مستندة فى ذلك إلى المادة الثانية من قانون المحال العامة رقم 371 لسنة 1956، بنصها على حظر فتح المطاعم والمقاهى وما يماثلها من المحال المعدة لبيع أو تقديم المأكولات أو المشروبات بقصد تناولها فى ذات المحل، فى المواقع غير الصحية أو بالقرب من السجون أو الأماكن المعدة للعبادة المصرح بإقامة الشعائر الدينية فيها أو الأضرحة التى تكون موضع احترام الجمهور أو الجبانات. وأضافت المحكمة أن «حظر إقامة الملاهى الليلية أو قاعات إقامة الحفلات والأفراح بالقرب من دار العبادة سواء كانت كنيسة أو مسجد مناطه هو الحفاظ على وقار دور العبادة وطهارة ممارسة الشعائر الدينية بها دون تفرقة، وهذا الوقار يتوافر للمسجد، كما يتوافر للكنيسة أيضاً، فكلاهما دار عبادة ويتمتعان بالحماية ذاتها التى أوردها القانون والدستور، وهى حماية قوامها أن أفراد الشعب باختلاف طوائفهم وشعائرهم الدينية هم نسيج واحد، يظلّلهم جميعاً مبدأ المواطنة دون تمايز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، فالمواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة».
وهكذا، فإن النظام القانونى والقضائى المصرى يكفل الوقار اللازم لدور العبادة، سواء كانت كنيسة أو مسجداً، دون أدنى تفرقة بينهما. ولعل ما يلفت النظر فى حيثيات الحكم القضائى آنف الذكر أن الجهات الأمنية هى التى رفضت إقامة قاعة المناسبات، مبررة ذلك بأنها تقع أمام كنيسة مارى جرجس، مؤكدة أن شأنها شأن المسجد كدار عبادة. وفى ذلك رد عملى على أى افتراءات يوجهها البعض إلى الجهات الأمنية فى ملف الكنائس.. والله من وراء القصد.