اكتشف مرضه قبل 3 أعوام مضت، لم يخطر فى باله يوماً أن يكون واحداً ضمن أصحاب هذا المرض «المخيف»، حتى لاح له فى الأفق أمل الشفاء، من خلال علاج توفره وزارة الصحة يقضى على المرض فى فترة وجيزة، ليخرج من يأسه محاولاً تصديق ما يتردد على أذنيه: «أنا أصلاً اكتشفت المرض بالصدفة وأنا باتبرع بالدم، وقعدت سنة بعدها فى إحباط كبير جداً لحد ما عرفت إن فيه برشام وزارة الصحة منزلاه بيعالج المرض»، يقولها «وليد المرسى»، أحد أبناء قرية «ميت خميس» بالمنصورة، والموظف بديوان عام محافظة الدقهلية، ليوضح أنه تقدم للكشف فور معرفته بتوافر العلاج بواحد من مستشفيات التأمين الصحى، وبعد إجراء الكشوفات والفحوصات المطلوبة بدأ فى أخذ أول جرعة من العلاج، ليكتمل شفاؤه بعد 3 أشهر فقط: «ماكنتش أتوقع إن المرض يروح من عندى لأنى كنت محطم نفسياً».
قلة فى الدخل ومطالب أسرة تزداد يوماً بعد يوم على عاتق «وليد» جعلته يفكر كثيراً فى السفر إلى الخارج، إلا أن مرضه كان يمنعه، رغم الفرص الكثيرة التى عُرضت عليه، وعندما علم بإمكانية علاجه بدأ فى تجهيز نفسه لتحقيق رغبته فى السفر بعد إتمام عملية الشفاء، إلا أن الصدمة كانت حاضرة: «كان جايلى فرصة شغل فى السعودية بس عرفت إن اللى بيخفوا من المرض ماينفعش يسافروا عشان تحليل الأجسام المضادة، فمرضتش أروح أعمل تحليل السفر خالص فى وزارة الصحة عشان ميسجلونيش عندهم إنى لسه مريض زى باقى الناس اللى أعرفهم، والفرصة راحت عليا».
تحاليل الأجسام المضادة تقف حجر عثرة أمامهم للسفر إلى دول الخليج
بعد التخرج فى كلية التجارة بجامعة القاهرة كان أمل «محمد إسماعيل» السفر إلى واحدة من دول الخليج للعمل وجاءته بالفعل فرصة للعمل داخل واحدة من شركات المقاولات فى المملكة العربية المتحدة، إلا أن التحاليل المطلوبة لإتمام عملية السفر أصابته بإحباط تام، حسب قوله: «لما عملت التحاليل لقيت عندى فيروس سى».
بريق من الأمل لاح للشاب الثلاثينى من بعيد، عندما علم بمشروع العلاج الذى أعلنت عنه وزارة الصحة حول المرض الذى أصيب به، ليتوجه على الفور إليهم طالباً العلاج: «كنت فرحان جداً وأصريت إنى اتعالج عند وزارة الصحة عشان تكون الشهادة معتمدة منهم بعد كده»، رحلة علاج بدأها «محمد» فى عام 2015، انتهت بحصوله على شهادة تعافيه من المرض، ليعود إليه أمل السفر والعمل فى واحدة من دول الخليج مرة أخرى: «قعدت نحو سنة مقدم، واسمى يروح وييجى، لحد ما ربنا كرمنى وخدت الـ3 جرعات، وبعد كده اشتغلت محاسب فى شركة لحد ربنا كرمنى وجالى فيزا سفر تانى، كنت همسك حسابات شركة مقاولات وشركة مستلزمات، ودى بالنسبة لى شغلانة كويسة جداً».
رحلة تجهيز أوراق السفر بدأت من جديد هذه المرة بأكثر همة، إلا أن الرياح عادة لا تأتى بما تشتهى السفن: «تحاليل وزارة الصحة طلعتنى عندى حاجة اسمها أجسام مضادة، ودى مفروض إنها طبيعية بس أغلب دول الخليج مابتقبلش حاجة زى دى، وبيعاملونا كأننا زى المرضى»، ليعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، رغم المجهودات التى بذلتها الدولة للتخلص من هذا المرض، حسب قوله: «أنا كان عندى حلم كبير وأنا طالب إنى أسافر، بس لما عرفت إنى مريض الحلم اتبخر، ولما لقيت موضوع العلاج رجعلى الأمل بشكل كبير جداً، وبعد كده اتصدمت بعد العلاج مرة تانية، بس زى ما بيقولوا الحلو ناقص له تكة».
حلم العلاج واحد، فقط يختلف الأشخاص الحالمون، وهو نفس الأمل الذى عاش فيه أحمد المصرى، 40 سنة، وعامل فى واحدة من شركات المقاولات، طالت عليه سنين مرضه، حتى سطع له أمر الشفاء، الذى لا بديل له غيره من أجل زيادة دخله من خلال السفر لواحدة من دول الخليج، حيث الكثير من الفرص التى توافرت له فى أثناء مرضه ولم يتمكن من اغتنامها: «الحمد لله خفيت بشكل كامل، وكل 6 شهور بعمل التحاليل كاملة والدنيا معايا تمام».
أزمة ما بعد الحصول على شهادة التعافى من المرض نفسها عاشها «المصرى»، فهناك عدة دول خليجية لا تقبلهم للعمل بها، إلا أن الأمر من وجهة نظره أصبح له بعد سياسى أكثر منه صحياً.