كان الأسبوع الماضى أسبوعاً حافلاً بالأحداث بلا شك، وكان منحنى الذروة فيه هو صدور بيان القوات المسلحة الذى توضح فيه موقفها من ترشح الفريق سامى عنان، ثم ما تلى ذلك من انسحاب المحامى خالد على من الترشح للرئاسة بعد أن كان قد قطع شوطاً كبيراً فى جمع التوكيلات، وقد كان الانسحاب بلا شك، وكما صرح هو، مرتبطاً ببيان القوات المسلحة، وما تلاه، وعلى سبيل الاستفادة أستطيع أن أجمل رأيى فى عدة نقاط:
أولاً: لا تعرف النخبة المصرية حتى الآن ما تريد بالضبط، وهل تريد طريق الإصلاح المتدرج، أم طريق الثورة التى تسقط النظام، وإذا كانت هذه النخبة تريد الإصلاح فإن خوض الانتخابات هو الطريق لهذا الإصلاح رغم أى صعاب، أما إذا كانت تريد العمل ضد النظام وإسقاطه فعليها أن تعلن ذلك، وأن تدفع ثمن ذلك، وأن تفعل ذلك إذا استطاعت، ولا أظنها تستطيع.
ثانياً: قولاً واحداً فإن الأضرار التى لحقت بمرشح مثل خالد على من الانسحاب هى أضعاف المكسب الذى حققه إن كان ثمة أى مكسب، فقد كان أمامه الفرصة واسعة ليعمل فى الشارع، وليستقطب أنصاراً جدداً، وليعلن عن أفكاره كاملة عبر وسائل الإعلام، ثم كانت أمامه الفرصة ليحول حملته وجسدها التنظيمى إلى حزب سياسى معارض إذا أراد، لكنه ظل متردداً بين طريق الهدم وطريق الإصلاح، وأظنه لم يحقق ولن يحقق إنجازاً كبيراً فى هذا ولا ذاك.
ثالثاً: إننى أخشى أن قيادات النخبة المصرية المعارضة لا تفضل أن تسلك طريق العمل التنظيمى والجماهيرى إذا أتيحت لها الفرصة، وتفضل أن تبقى (ذيلاً) وانعكاساً لما تتخيله صراعات فى طبقات الدولة المصرية العليا، ولعلنى حتى الآن لا أعرف ما هو الرابط بين الفريق سامى عنان وعدم سماح القوات المسلحة بترشحه، وبين انسحاب مرشح لم يتوقف لحظة عن الهتاف بسقوط سامى عنان حين كان يدير جانباً كبيراً من الأمور فى مصر.
رابعاً: منذ ثورة ١٩٥٢ وربما قبلها، وصراعات المؤسسة العسكرية تحسم داخل المؤسسة العسكرية، ولم يحدث أبداً منذ ثوره ٥٢ أن كان هناك مرشحان ينتميان للقوات المسلحة ويتصارعان على منصب واحد، ولا أظنه يجب أن يحدث، ولا سيحدث لفترة طويلة مقبلة.
خامساً: على النخبة السياسية المصرية أن تعيد تقييم نفسها، وأن تتوقف عن رمى الآخرين بالحجارة، وأن تمارس نوعاً من النقد الذاتى والمراجعة، وأن تحدد موقفها وهل تريد الإصلاح من داخل النظام السياسى أم من خارجه، وأن تدفع الثمن بصراحة ووضوح فى الحالتين، فإذا كانت تريد إسقاط النظام فمن الطبيعى أن يمنعها من العمل لأنها تهدف لهدمه، وإن كانت تريد إصلاحه من داخله فعليها أن تحترم آلياته ولا تزايد عليه، وأن تتحاور معه عندما تفرض الظروف مثل هذا الحوار، ودون ذلك أظن أن نخبتنا ستبقى فى حالة (الذيلية) التى تحدثت عنها من قبل، وستبقى كالمنبتّ؛ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى!