طموح بعض «القوى» توقف عند «البرلمان والمحليات».. وأخرى تمارس «الاحتجاج» فقط
مؤتمر سابق لحزب «المصريين الأحرار»
قبل أربع سنوات كانت الأحزاب كافة على علم بموعد الانتخابات الرئاسية المحددة سلفاً فى الدستور المصرى، وظهر عدد من الأحزاب اليسارية ليتحدث عن التضييق والحصار من قبل الدولة عليهم، بالرغم من قدرتهم على عقد اجتماعاتهم وإقامة فعاليات داخل مقار الأحزاب وعدم منعهم من ممارسة العمل السياسى فى إطار القانون، الأمر الذى أشعر عدداً من المواطنين بضعف الأحزاب وعدم قدرتها على صياغة مشروع سياسى واقتصادى بديل للنظام السياسى الحالى مقنع لطوائف الشعب المختلفة.
يرى الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، أن مبرر المضايقات الأمنية أو تضييق النظام الحاكم على الأحزاب غير منطقى فى الوقت الذى تتشابه فيه برامج الأحزاب ولم نجد كأساتذة علوم سياسية برنامجاً أو رؤية لحزب سياسى مميز، موضحاً أن حديث حزب الوفد عن ارتفاع الأسعار والبطالة يشبه حديث حزب التجمع عن المشكلتين بالرغم من الاختلاف فى التوجه الفكرى بين الحزبين.
يقول «عودة»، لـ«الوطن»، إن الأحزاب السياسية فى مصر أصبحت بلا جمهور، ففى الماضى كان لحزب الوفد جمهور عريض، والآن لا يمتلك قواعد شعبية أو جماهيرية تدافع عنه، لافتاً إلى أن الحزب الذى لديه جمهور يواجه أى حصار أو تضييق، وتابع: «الأحزاب أصبحت تضم مجموعة من المنتفعين والأصدقاء لرئيس الحزب ولا تضم كوادر سياسية مدربة وقادرة على صياغة خطاب سياسى مميز ويعبر عن المواطنين وقضاياهم».
«الشوبكى»: توقف التجديد وجمود برامجها أسباب عزوف الناس عنها.. و«عودة»: أغلبها بدون جمهور وبرامجها متشابهة.. و«نورهان»: غياب انتخابات المحليات وراء اختفاء قواعدها الشعبية
وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الباحث السياسى، إن الأحزاب السياسية الحالية أشبه بالجمعيات الأهلية التى تمارس عملاً ثقافياً واجتماعياً أكثر من ممارسة عمل سياسى حقيقى، لافتاً إلى أن حزبى الوفد والمصريين الأحرار اللذين يمثلهما أكثر من مائة نائب فى مجلس النواب، أغلب نوابهما لم يكونوا أعضاء فى الحزب بل أحفاد كوادر الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطنى وأبناء العائلات الكبيرة فى المحافظات والقرى والنجوع، وتم ضمهم للأحزاب.
وأضاف «ربيع» أن هذه الأحزاب لم تستعد للانتخابات الرئاسية منذ أربع سنوات بالرغم من علمها بأهمية هذا الاستحقاق وتأثر المواطنين به، مشيراً إلى أن المواطن المصرى كان فى حاجة للتعرف على قدرة هذه الأحزاب فى تقديم بديل مرشح رئاسى يستطيع أن يحكم دولة بحجم مصر. وأكد أن عودة الحياة الحزبية بقوة تستلزم وقف حالة الطوارئ حتى تتحرك الأحزاب بحرية والتأسيس لنظام انتخابى بالقائمة النسبية حتى تتحول الانتخابات لمنافسة بين البرامج وألّا تكون انتخابات تقليدية يسيطر عليها العصبيات والمال السياسى، وتابع: «الأحزاب تعانى من أزمة تمويل وسيطرة رجال الأعمال عليها وهذا بسبب منع القانون للأحزاب من ممارسة أى نشاط اقتصادى ما يعنى ضرورة السماح للأحزاب بممارسة النشاط الاقتصادى حتى لو كان ثقافى الطابع مثل دور النشر والمكتبات».
وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن الحياة الحزبية فى مصر تعانى تناقضاً كبيراً بين الكم والكيف، لافتا إلى أن مجلس النواب به 19 حزباً سياسياً ورغم ذلك لم يحصل على الأغلبية النيابية، منوهاً إلى أن بعض الأحزاب فى المجلس يمثلها نائب واحد. وأضاف بدر الدين أن مصر بها أكثر من 100 حزب وليس لهم مؤيدون أو جماهيرية تتناسب مع كل هذا العدد، مشيراً إلى أن ضعف الحياة الحزبية له أسبابه التاريخية، وتابع: «أول سبب لضعف الحياة الحزبية إلغاء الرئيس جمال عبدالناصر للأحزاب السياسية وتراجع دولة المؤسسات أمام كاريزما ناصر».
وأشار إلى أن التعددية الحزبية الشكلية فى عهد «مبارك والسادات» وهيمنة الحزب الواحد تسببت أيضاً فى ضعف الحياة الحزبية، منوهاً بأن مصر تعانى من غياب المؤسسات بشكل عام ولا بد من صياغة رؤية سياسية لتقوية دولة المؤسسات والأحزاب.
وقالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الأحزاب تعانى أزمة فى القيادة، ومن انقسامات مستمرة، تسببت فى انهيارها بالشارع، حتى أصبحت بلا قاعدة شعبية أو مؤيدين، مؤكدة أنه منذ ثورة 2011، انعزل الشباب عن الأحزاب، بشكل أكبر، وانخرطوا فى الحركات الشبابية، التى نشطت فى أحداث التظاهرات والثورتين، وخفتت بعدها.
وأضافت «نورهان»: «الأحزاب لم تدخل الانتخابات المحلية منذ سنوات طويلة إلى الآن وربما فى حال خوضها تلك التجربة، ومن بعدها انتخابات مجلس النواب المقبلة، يتطور أداؤها وقدرتها على تكوين قاعدة شعبية كبيرة تساعدها على الدفع بمرشح رئاسى، فانتخابات المحليات هى التى تسهم بشكل حقيقى فى بناء الأحزاب السياسية».
وأشارت إلى أن توقف نمو الأحزاب عند الانتخابات البرلمانية السابقة بسبب غياب القواعد الشعبية عنها، والانقسامات بين قياداتها وعدم بذل أعضائها مجهوداً حقيقياً فى البناء، مشيرة إلى أن أزمة ضعف التمويل ليست عائقاً أمام الأحزاب ووجودها بدليل أن هناك أحزاباً غنية كثيرة، مثل الوفد والمصريين الأحرار، ليست بها قواعد شعبية تمكنها من خوض الانتخابات الرئاسية.
وأوضحت «أستاذ العلوم السياسية» أن ذلك لا يمنع أن التمويل فى غاية الأهمية، ولكن يجب ربطه بالعضوية، متابعة: «أغلب الأحزاب الكبيرة فى العديد من دول العالم المتقدم تحصل على التمويل من الأعضاء، والأحزاب يمكن أن تستعد من الآن للانتخابات الرئاسية فى عام 2022 وتعمل على بناء قواعد شعبية حقيقية لها فى الشارع».
قال عمرو الشوبكى، أستاذ العلوم السياسية، إن الأحزاب القديمة وأبرزها «الوفد والتجمع»، لم تعد تمتلك قواعد شعبية، ولم تعد قادرة على خوض الانتخابات الرئاسية لأسباب عدة، منها أنها لم تغير برامجها حتى الآن، ما جعل المواطنين غير مقتنعين بها، مضيفاً: «التجمع فى الماضى كان يضم فصائل عدة، منها الناصريون والماركسيون والديمقراطيون الاجتماعيون، والآن يضم تياراً ديمقراطياً اجتماعياً فقط، وبالتالى كان عليه أن يغير اسمه ويعلن عن برنامج جديد يعبر عن تيار ديمقراطى اجتماعى، ويعمل مرة أخرى على بناء قاعدة شعبية تعبر عن برنامجه الجديد».
وأشار «الشوبكى» إلى أن الوفد فى حاجة لأن يقدم برنامجاً سياسياً أكثر عصرية حتى يجذب قطاعات كبيرة من المواطنين والشباب إليه، لافتاً إلى أن هذا الحزب العريق تأسس منذ 100 عام، وطوال الوقت هناك مطالب بصياغة برنامج وفدى جديد يناقش مشكلات المواطنين الحالية ويتعاطى معها».
وتابع «الشوبكى»: «مسئولية ضعف الأحزاب مشتركة، وكل من الدولة والأحزاب نفسها تتحمل مسئولية هذا الضعف، فالدولة يقع عليها مسئولية محاصرة الأحزاب وعدم السماح لها بالتحرك خارج مقراتها، واختيار الوزراء وقيادات الدولة من داخل الجهاز الإدارى للدولة أو أساتذة الجامعات، وعدم اختيارهم من الأحزاب السياسية ما جعل المواطن لا يثق فى قدرة الأحزاب على الوصول للسلطة أو حل مشكلاتهم فى مواقع صنع القرار».
وأشار إلى أن الأحزاب مسئولة أيضاً عن تراجعها بسبب عدم بنائها قواعد داخلية قوية للحزب، مؤكداً أن أغلب الأحزاب ترفع شعارات لا تستطيع أن تطبقها على أرض الواقع.