صديق مقرب يعمل فى دولة الإمارات منذ فترة طويلة صرح لى بأنه غير راض عما يحدث فى الانتخابات الرئاسية فى مصر هذه الأيام.. وأن ترشح الرئيس وحده أو وجود مرشح صورى فقط أمامه هو أمر لا يخدم المشهد العام المصرى أمام العالم.. بل ربما ينتقص من قيمة ذلك الاستحقاق الديمقراطى.. ويجعل الصورة كلها تصب ضد النظام المصرى الحالى!!
والواقع أننى كنت لا أرى ضيراً أن يترشح السيسى منفرداً فى الانتخابات المقبلة.. على الرغم من كل ما يتم تداوله من ضعف وفقدان المصداقية التى كانت ستشوب الانتخابات فى ذلك الظرف.. الأمر أبسط بكثير مما يظن الكثيرون.. بل على العكس تماماً.. فأى عاقل سيستوعب جيداً.. أن وجود مرشح آخر «مناسب» يصب فى صالح السيسى.. وأن ترشحه وحيداً سيضعف الحافز الذى يحتاجه الناخبون للنزول والإدلاء بأصواتهم.. ذلك الأمر الذى دعا إليه الرئيس بقوة فى مؤتمر حكاية وطن الأخير!!
لذا فعندما تسمع أو تقرأ أن النظام قد تعمد التضييق والإقصاء.. أو أن السيسى قد حرص على تحويل العملية الانتخابية إلى استفتاء فقط.. أو على تقديم مرشح صورى ينبغى أن تدرك على الفور أن ترويج هذا المفهوم كان هو الهدف الأصلى من كل تلك البلبلة التى أحدثوها!
المشكلة أن كل من يسخر من ترشح الرئيس وحيداً لم يقدم البديل المناسب عبر أربع سنوات مرت على توليه المنصب.. ولم يحاول حتى أن يكون أرضية صلبة تمكنه من تقديم نفسه للناس كمرشح يحمل خطة عمل منظمة.. أو حتى أحلاماً تحمل شيئاً من الواقعية!
لا شك أن شعبية السيسى التى قام بتكوينها عبر ظروف ترشحه وظهوره وخلال فترته الأولى بالكامل جعلت فوزه بالمدة الثانية أمراً محسوماً.. ما أدى إلى فقدان الأمل لدى معارضيه من فرصة للنجاح.. حتى الذين أعلنوا عن ترشحهم ثم انسحبوا -وبمعزل عن أخطائهم القانونية أو انعدام قدرتهم على جمع التوكيلات المطلوبة- لم تكن حساباتهم تتضمن الفوز بأى حال من الأحوال.. بل ربما كان الهدف الرئيسى هو إثارة البلبلة!
إن وجود أكثر من مرشح لمنصب الرئيس هو استحقاق ديمقراطى مهم.. لكنه ينبغى أن يستند إلى خلفية أكثر صلابة من مواقع التواصل الاجتماعى.. وليس من فريق عمل يحمل معارضى النظام الذين فشلوا فى تصدر المشهد بأساليب ملتوية.. فقرروا تقديم أنفسهم كمنقذين ومخلصين للوطن من أزمة وهمية!!
إن ترشح السيسى منفرداً فى رأيى هو أقرب انعكاس حقيقى للمشهد عبر الأربع سنوات الماضية!
فى رأيى لا يحتاج السيسى «لمحلل» ليكتسب شرعيته التى استحقها بعمله طوال الفترة السابقة.. ونجاحه سواء بانتخابات تعددية أو باستفتاء لن يقلل من كل ما قدمه للوطن عبر سنوات أربع مضت..!
وربما كان على البعض الذى ينكر كل ذلك أن يبدأ فى التجهيز للانتخابات المقبلة.. وأن يستعد من الآن بتجهيز أوراقه وخطته التى سيتقدم بها.. وأن يبحث عن حلول حقيقية للمشكلات التى يراها!!
إن انتخاب رئيس للجمهورية استحقاق ديمقراطى مهم.. ولكن الأهم ألا يتحول إلى استحقاق عسير!!