ويتساءل علاء الأسوانى فى مقاله قبل الأخير «لماذا يصدق المصريون هذه الأكاذيب»؟! والأكاذيب التى يقصدها هى أن مشكلة سد النهضة فى طريقها للحل، بينما الحقيقة أن الرئيس السيسى فشل كما يقول فى إدارة الأزمة، وبما يتسبب فى فقداننا لجزء كبير من حصتنا المائية.. أما الكذبة الثانية فهى أن قناة السويس التى أنفقنا عليها 64 مليار جنيه لم تحقق أى زيادة فى أرباح القناة، بينما يتغنى الإعلام بالمشروع ويظهره أنه أبهر الدنيا كلها.. فى حين أن الكذبة الثالثة هى وجود آلاف الشباب المحبوسين بلا أى تهمة سوى معارضة الرئيس السيسى، بينما يردد الإعلام أنهم عملاء وخونة، فى حين كانت الكذبة الرابعة التى يصدقها المصريون كما يرى الأسوانى أن المستشار هشام جنينة تعرض لحادث سير بينما الحقيقة أنه تعرض لمحاولة اغتيال!
بالطبع سقط سهواً من مقال الأسوانى المنشور بتاريخ 30 يناير على موقع «دويتشه فيله» الألمانى وجل من لا يسهو العاصمة الإدارية الجديدة التى يصدق الناس أنها مشروع كبير جداً تأخر كثيراً، ويصدقون أنه فتح المجال لتفريغ القاهرة وإنقاذها من الزحام والتكدس والتلوث ويصدقون أنه يوفر عشرات الألوف من فرص العمل ويجلب استثمارات عربية وأجنبية، بينما الحقيقة عند الأسوانى أن العاصمة فنكوش، وأن المصريين ممن يعملون بها هم أصلاً يعملون فى مكان آخر فى صحراء أخرى، يذهبون إليها بسيارات بستائر سوداء حتى يقنعوهم أنها العاصمة الجديدة، فى حين أن المحطة الكهربائية هناك هيكل خشبى للضحك على الناس، وأن المطار الجديد ليس إلا ملعب كرة قدم تم تصويره من بعيد على أنه مطار!
وطبعاً سقط سهواً من مقال الأسوانى، والسهو من طباع البشر، المزارع السمكية حيث يصدق المصريون أنها مزارع للأسماك، بينما الحقيقة عند الأسوانى أن ما يظهر أمامهم أسماك بلاستيكية استورد منها اللواء كامل الوزير كميات ضخمة يتم نقلها من مزارع إلى أخرى لتوظيفها أمام الكاميرات فى كل زيارة وكل افتتاح!
وسقط سهواً من مقال الأسوانى، والسهو يكون أحياناً من كرم الله على عباده صالحين وطالحين، أكذوبة أنفاق القناة وأن المصريين يصدقون أنها تمر تحت مياه قناة السويس، بينما هى أنفاق على الحدود مع غزة لكن تم استيراد كاميرات سينمائية خاصة لها القدرة على تكبير الأحجام حتى إن «شويه مية» على الحدود تبدو وكأنها القناة، ونفق صغير هناك يبدو وكأنه أنفاق عملاقة متجاورة، حفرت خصيصاً قال إيه لربط سيناء بالوادى وبمصر كلها، والبدء فى تعميرها وتعويضها ما فاتها وإهمالها عبر أربعين عاماً!
وطبعاً نسى الأسوانى، والنسيان نعمة من الله أن يذكر كذبة مواجهة فيروس سى، فالمصريون البسطاء الطيبون يصدقون أن هناك من يشفى من فيروس سى!! بينما الحقيقة أن كل هؤلاء مجاميع كومبارس أجرهم وزير الصحة أحمد عماد من إحدى شركات الإنتاج السينمائى لتمثيل دور المرضى قبل وبعد العلاج، وأنهم ليسوا بهذا العدد بل يقوم هؤلاء الكومبارس بتغيير ملابسهم ومكياجهم لإقناع الناس بعددهم الكبير!
وطبعاً عند الأسوانى، كمله الله بعقله وصحته، العشوائيات لم تكن كذلك بل كانت حدائق ومتنزهات وأن الأسمرات ليست أسمرات بل ربما كانت أبيضات، وأن غيط العنب ليس عنباً وإنما غيط للبلح، وأن السيسى يوهم الناس بفاكهة عشوائية ليس موسمها الآن، وطبعاً عند الأسوانى فالمحطة النووية ليست نووية وإنما منافيخ هواء عملاقة، ولكن يشغل الأسوانى هل من جاء لإعلان الاتفاق عليها هو بوتين بنفسه أم هو الفنان شريف منير بعد ماكياج رهيب من الماكيير الإيرانى العالمى الشهير عبدالله إسكندرى!
وهكذا.. يمكن السير مع الأسوانى على خطى عقله الجبار لنكتشف وفقاً لاكتشافاته التى تفوقت على اكتشافات الغاز أن كل ما نراه وهم فى أوهام وكذبة فى أكاذيب، بينما هو وهو زين العقل يرى أن مشروع قناة السويس فشل من دون أن يقول للناس الأرقام الحقيقية ولا مستوى التجارة العالمى المنخفض منذ سنوات، وبما لا دخل لمصر به ولا ذنب لها فيه، بل إن عائد القناة القديمة وحدها كان حتماً سينخفض لو لم يتم مشروع القناة الجديدة، أما لو أقسمت للأسوانى عن البدائل الخطرة لقناة السويس، التى كان أعداء لنا يستعدون بها فلن يصدق ولا للمسارات الأخرى للقناة القديمة التى شرعت فيها بعض الدول وتراجعت بعد القناة الجديدة، وطبعاً لن يصدق الأسوانى أن مشروع القناة بتمويل شعبى خالص، رغم أنه شعبى خالص، ولم يكلف موازنة الدولة أى أعباء بل زاد المصريين ثقة فى قدرتهم على الإنجاز!
وطبعاً لو طلبت من الأسوانى قائمة بأسماء المعتقلين كما يقول لأنهم فقط.. فقط.. عارضوا السيسى سلمياً فلن يقدمها ولا جرأته فى انتزاع دور النيابة والقضاء فى قضية هشام جنينة ويعطى أحكاماً قبل صدورها من أصحابها، وهو نفس ما يشكو منه الأسوانى فى مواضع أخرى من تقمص البعض دور النيابة والقضاء!
مراجعة بسيطة لمقالات الأسوانى تكتشف أن جمال عبدالناصر والسيسى القاسم المشترك الأعظم فيها، رغم أن الأول فى ذمة الله منذ 48 عاماً، بينما الكتابة عن السيسى بهذا العدد وذلك التكرار وتعمد وضع اسمه فى العناوين يفتح الباب لتساؤلات عدة.. لا تبدأ بتفاصيل الاتفاق فى الكتابة فى هذه المؤسسة الألمانية وليس مروراً بالمبلغ الخرافى الذى يتقاضاه الأسوانى منها ومعه دخله من المحاضرات والتدريس فى عدد من الجامعات الأمريكية -أيوه عدد بحاله تم فتحه له للتدريس ليس لطب الأسنان ولزوم التسوس والجير والحشو والخلع وإنما للرواية - وليس نهاية بتساؤل عن هل يسدد الأسوانى الضرائب؟ أما كلام عن بناء دولة حديثة والسلام؟ وبدلاً من البدء بنفسه ليقدم مثلاً ونموذجاً؟!
على كل حال ليس المقال تحريضاً على الأسوانى أو غيره.. إنما أردنا أن نحلق بطريقة تفكيره لنتوصل إلى نتائج مجنونة فى كل شىء.. كما أن كاتب هذه السطور أكثر من كتب مميزاً وداعياً للتمييز بين المعارض والمتربص، وبالصدفة فمقالنا الأسبوع الماضى كانت مقدمته وهى طويلة عن ضرورة التأسيس لحياة تعددية سليمة، وبالتالى فليس كل أنصار السيسى أو المؤمنين بجمال عبدالناصر ينفون الآخر ولا يخونونهم ولا يسبونهم ليل نهار.. ولكن وإلى حين معرفة الطريقة التى تسلل بها علاء الأسوانى للكتابة فى بدايته بجريدة العربى الناصرية ولا من الذى سمح له وقتها بذلك ويستحقون المحاسبة الآن.. وإلى حين يجد الأسوانى تبريراً معقولاً وحقيقياً لنشر رواياته فى دولة العدو الإسرائيلى، التى يتجاهلها عمداً الأشاوس من معارضى التطبيع، طالما أن التوحد ضد السيسى صار أهم من التطبيع ومن التطبع ومن الطبيعة ذاتها.. وإلى حين ذلك وغيره نسأل: هل علاء الأسوانى معارض أم متربص؟
فى مضمون ما يكتبه وعناوينه.. الإجابة!