هل يوجد شياطين من الإنس؟ نعم، ففى الآية رقم 112 من سورة الأنعام يقول ربنا عز وجل: {وكذلك جعلنا لكل نبىٍّ عدواً شياطينَ الإنسِ والجنِّ يُوحِى بعضُهم إلى بعض زُخرفَ القولِ غروراً}.
وما هو عمل شياطين الإنس؟ قد يكون عملهم قلب الحقائق فيجعلون المعروف منكرا والمنكر معروفا، ومن عملهم أيضا نشر الإشاعات بغرض شق الصف الوطنى لأنه لا يسرهم أن يجدوا الحق يعلو فيوشك أن يهلكهم، وهم -أعنى شياطين الإنس- من أنصار الباطل يريدونه منتشراً، وقد سرهم من قبل رئيس كان كنزاً للصهاينة والأمريكان ودافعوا عنه، وسرهم أيضاً خطة توريث تعيسة كادت أن تكتمل حلقاتها لولا أن الله أتى بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم، وكذلك سرهم نهب وسرقات لأموال هذا الشعب، وشاركوا فى صناعة إعلام فاسد وأبواق تعلو بالضجيج والتصفيق للباطل.
وما هى ملامح شياطين الإنس؟ إنهم يحاولون تجميل صورهم القبيحة دفاعاً عن الثورة والثوار ثم تحولوا إلى داعمين لجهود أعداء الثورة، وكان بعضهم يحمل مواقع بالتعيين فى مجالس نيابية سابقة فلما لفظتهم الثورة وقفوا بقوة يحاولون إعادة الماضى فأيدوا رموزاً للثورة المضادة فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ولما خاب سعيهم وجهوا سهام نقدهم المسمومة إلى الاختيار الحر للشعب وزعموا -وخاب زعمهم- أن الجماهير كانت واقعة تحت تأثير الدين الذى لا يريدون له حضوراً فى دنيا السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام أو الأدب أو الفن.
وضج كثير من الناس من أفعال شياطين الإنس وتمنوا أن تنزل عليهم صاعقة من السماء أو أن تخسف بهم الأرض لكن ذلك لن يحدث.. ثم جاء رمضان وتمنت الأغلبية الصامدة الصائمة أن يغيثهم الله فى رمضان فتصفد الشياطين ويحق عليهم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إذا هل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين».
نعم.. ذلك حدث ويحدث فى كل رمضان وسيلحظ الصامدون الصائمون الأثر الفعال لشهر رمضان على هؤلاء الشياطين، ومن أثر ذلك أن ينصرف الصامدون الصائمون إلى العبادة من أجل استثمار هذا الشهر الفضيل فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: «تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة وتصفد فيه الشياطين وينادى فيه ملك: يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر».
ومع هذا فليحذر الصامدون الصائمون من شياطين الإنس فإنهم حتى إن ماتوا جاء من بعدهم أتباعهم الذين لا يقلون عنهم شيطنة، لأن الحياة دائما صراع بين هؤلاء وأولئك، {ولو شاءَ اللهُ لانتصرَ منهم} أعنى شياطين الإنس،{ولكنْ ليبلُوَا بعضَكم ببعض}، فالاختبار مستمر بين الفريقين وسوف يطول بعض الشىء، ليحدث التمايز وليعلم هذا الشعب المصرى الأبى من حقاً يعمل من أجل الوطن ومن الذى يعمل من أجل نفسه أو من أجل حفنة من المال أو من أجل متاع دنيوى زاهر.
ورغم أن شياطين الإنس لا يجدون مستجيبين كثراً من البشر فلعل ذلك يعطيهم الفرصة لكى يراجعوا أنفسهم، حتى إذا انتهى رمضان قد يتغير حالهم ويسيرون فى الاتجاه الصحيح الذى لا فساد فيه ولا إفساد، ولربما آن الأوان للتوبة والتغيير، ففى الحديث الشريف: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
إننى أدعو الله من صميم قلبى -وللصائم دعوة لا ترد أرجو أن أنالها- أن ينصلح حال الوطن، وأن يوفق الله الصامدين الصائمين إلى مزيد من الطاعة، وأن يسارع شياطين الإنس إلى التوبة التى بابها مفتوح دائما، فإن هم فعلوا ذلك فازوا وربح الوطن جهدهم مع جهود غيرهم من أهل النقاء والصفاء.. وليس ذلك على الله بعزيز.