قبل أيام أصدرت «هيومان رايتس ووتش» الأمريكية و14 منظمة أخرى، بعضها مصرى، بياناً طالب بوقف المعونات والمساعدات عن مصر، لأن الانتخابات الرئاسية المقبلة غير نزيهة، وليست حرة، وفقاً لما قالوا إنه المعايير الدولية، استناداً إلى ما سموه منع المعارضين من الترشّح واعتقالهم وأنصارهم، ووجود تحسّبات من احتمالات تدخّلات حكومية، وهى كلها تزييف لوقائع وتوصيفات خبيثة تستند إلى توقعات ومخاوف وتحسّبات.
المعايير المنصوص عليها فى سلسلة التدريب المهنى رقم 2 تحت عنوان «حقوق الإنسان والانتخابات» الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1994 وتتضمّن المعايير الدولية للانتخابات الحرة والعادلة، وفقاً للإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقيات والعهود الدولية الأخرى ذات الصلة، لم تتحدث عن تحسّبات أو توقعات أو تفسيرات سياسية.
لذلك استندت المعايير الدولية للانتخابات الحرة إلى وجود تشريعات لا تُصادر حق الناس فى الترشّح والتعبير عن رأيها إلا لأسباب قضائية وحقها معرفة برامج المرشّحين وعقد المؤتمرات الانتخابية ووجود هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات وضمانات لممارسة الناخب لإرادته أمام الصندوق بسرية، وبلا ضغوط ووجود قضاء مستقل.
أما معايير العدالة فتتطلب نصوصاً وإجراءات تمنع التمييز بين الناس فى الحقوق وتوفير ضمانات قانونية للمساواة بين الجميع وتحديد مواعيد دورية للانتخابات ودور للشرطة والأمن فى حماية الناخبين وحق مراقبة الانتخابات والطعن على إجراءاتها ونتائجها.
مراجعة التشريعات المصرية ذات الصلة بالحقوق السياسية والعملية الانتخابية ومتابعة قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، وهى قضائية مستقلة بنصوص قانونية تحميها من الضغوط والتدخّلات، كلها عناصر تؤكد تطابق العملية الانتخابية مع المعايير الدولية للانتخابات الحرة العادلة، فلا يوجد نص قانونى يسمح بالتمييز بين الناس، ولا قرار تنفيذى باستبعاد شخص واعتقاله وأنصاره، ولا إجراء إدارى يفرق بين الناس فى حقوقهم السياسية، ولم تستبعد أى جهات ترغب فى ممارسة دور رقابى، وما زلنا فى انتظار بقية الممارسات الانتخابية للحكم عليها. أما مسألة حالة الطوارئ التى يتم اللجوء إليها فى الحالات الاستثنائية مثل الحرب، فهى تمثل مخالفة وضرورة إعلانها تستوجب ألا تمثل قيداً على ممارسة الناس لحقوقهم.
فى السياسة، يتباين الناس ويختلفون وفقاً لرؤى تحليلية منحازة على خلفيات فكرية وأيديولوجية تعبّر عن مصالح محدّدة، لذلك تم استبعاد القضايا السياسية من المعايير الحازمة والصارمة للحكم على العملية الانتخابية، والاكتفاء برصدها، كتوصيف لحالة عامة، بينما القواعد القانونية والإجراءات هى التى تمثل ضوابط حاكمة يمكن الاستناد إليها فى تقييم الوقائع بصورة منضبطة. لذلك نحن أمام خلاف سياسى بامتياز، لا علاقة له بالمعايير الدولية وتقييم الانتخابات الرئاسية إنما هو خلاف أن تعود جماعة الإخوان الإرهابية للمشاركة، واعتبارها جماعة سياسية، أو استمرار الإساءة إلى كل الإجراءات الديمقراطية فى مصر وتحريض المجتمع الدولى عليها.