بصراحة الطريقة التى تحاسب بها شركة الكهرباء الزبون زادت على الحد. ولم يعد المواطن يعرف «سماه من عماه» أمام فاتورة عداد الكهرباء التقليدى، وعن كارثة الحساب فى العداد أبوكارت حدّث ولا حرج. كثيرون يشتكون من أن شركة الكهرباء تحاسب المواطن «وتشرحه» (أى تنقله من شريحة إلى شريحة) كيف تشاء. تشريح المواطن بقى على ودنه، واللى مش عاجبه يعيش فى «الضلمة». فما أسهل أن تقطع الحكومة عنك النور، أما إذا كنت من أصحاب العداد أبوكارت فقد جئت على حِجر شركة الكهرباء، لأنّك لحظتها ستعمل بنظام «الدفع أو قطع الكهربا».
لعبة لطيفة تلعبها الحكومة منذ عدة شهور. فما إن يُصاب عداد الكهرباء التقليدى بأى عطب حتى تبادر الشركة إلى تبديله بالعداد «أبوكارت»، ليبدأ المواطن رحلة الشحن. فى البداية يحتاج المواطن المتوسط إلى أن يشحن الكارت بـ«200 جنيه» ليُغطى الاستهلاك الأسبوعى، ومن حين إلى آخر يُفاجأ بأن عليه ديوناً للشركة، هذه الديون تقل فى البداية عن 100 جنيه، وبمرور الوقت تتغيّر الأمور، ليجد المواطن نفسه بحاجة إلى شحن الكارت بـ«200 جنيه» كل 3 أيام، وفى الصيف قد يحتاج إلى شحنة بـ«100 جنيه» فى اليوم. وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فبمرور 4 أو 5 أسابيع يُفاجأ المواطن أبوكارت بأن عليه مديونية، تجدها مصنّفة فى إيصال الشحن تحت عنوان «أقساط»، أقساط إيه؟. طبعاً لا توجد إجابة!. يُضاف إلى ذلك بالطبع رسوم النظافة التى حكم القضاء بعدم أحقية الشركة فيها، ورغم ذلك يتم تحصيلها.
الإجابة الجاهزة للشركة على صرخات المواطنين من فواتير الكهرباء أو تكلفة كروت الشحن تكون كالتالى: «الأسعار زادت.. وزيك يا مواطن زى أهل بلدك من المواطنين»، أو «مبروك انت انتقلت إلى شريحة أعلى فى الاستهلاك!». بالبلدى كده شركة الكهرباء بتشرّح المواطن. وأى شكوى من المواطن «المتشرّح»، ستقابلها إجابة: «انت ناسى أيام ما كان النور بيتقطع.. احمد ربنا إن الكهربا بتوصل لك.. وادفع وانت ساكت». التعليق الذى يقول: «مش أحسن ما الكهربا تتقطع» لم يعد مقنعاً بالنسبة للكثيرين، لأنه عاجلاً أو آجلاً سيجد هؤلاء أنفسهم عاجزين عن الدفع، وستكون النتيجة بالطبع اختيار «الضلمة» كبديل أقل تكلفة ليسترجعوا حياة أجدادهم فى العصور الحجرية أو عصر ما قبل الكهرباء. فكيف تتصور شركة الكهرباء أن مواطناً دخله فى الشهر 2000 أو 3000 جنيه سيتحمل دفع نصف دخله أو ما يزيد مقابل الحصول على خدمة الكهرباء. «الضلمة» فى هذه الحالة ستكون أوفر.
خيار «الضلمة» هو الخيار المقبل للمواطن، لأن «التشريح» لا يقف عند حد فواتير الشقق التى يعيش فيها المواطنون، بل تمتد إلى تكلفة فواتير كهرباء السلم والأسانسيرات فى العمارات التى يوجد بها مصاعد. أضف إلى ذلك مردود ارتفاع فواتير حساب المحلات على استهلاك الكهرباء على المواطن. فصاحب أى محل يبادر إلى زيادة أسعار ما يبيع كلما ارتفعت قيمة فواتير المحل. كثيرون لم يعد فى طاقتهم احتمال التعذيب بـ«الكهربة» والإمساك بسلك النور وهو «عريان»!.