١ ـ أكثر من عامين مرا على إعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، عقب تصريحات مثيرة للجدل وتفتقر إلى أدلة عليها، بشأن حجم الفساد فى أروقة الجهاز الإدارى بمصر!!
فترة زمنية كانت تكفى ليدرك جنينة أى خطأ ارتكبه.. وأى جرم أقدم عليه ليصرح للإعلام بما لا يملك به وثائق رسمية.. فضلاً عن فساد الفكرة ذاتها.. أن يعلن فى وسائل الإعلام ما يفترض أن يبقى داخل تقاريره الموثقة لرئيس الجمهورية فقط!!
فترة كافية ليراجع فيها جنينة نفسه.. وربما ليندم بالقدر الكافى على ما اقترفه لسانه الذى زرع السم فى عقول من كان يثق فيه من أبناء الشعب المصرى.. ولكنه لم يفعل..
٢ ـ حوار جديد للمستشار المثير للجدل لأحد المواقع الإخبارية المثيرة للريبة بدورها.. يعلن فيه على لسان الفريق عنان عن وثائق سرية تتعلق بفترة حكم المجلس العسكرى عقب ثورة يناير.. ويخفيها الفريق خارج مصر فى مكان يحمل أوامر بنشرها إذا تعرض لمكروه!!
القصة أقرب لأفلام الجاسوسية المملة.. وتحمل الكثير من المغالطات التى تحولها لكلام مرسل لا يليق بحجم القضية ولا المدعى أو المتهم نفسه!!
لقد كان أولى بالفريق عنان نفسه أن يعلن عن تلك الوثائق إن كانت موجودة.. فضلاً عن ذلك الاستنكار الذى يشعر به كل من يسمع عن «مستندات فساد» يمكن أن تختفى أو تظهر وفقاً لأهواء شخصية!!
٣ ـ ما زال لدىّ نفس الرأى بشأن المستشار جنينة.. أنه شخص مريض بحب الظهور.. مولع بالأضواء ولعاً يكاد يفوق ولعه بالحياة ذاتها.. يعشق الميكروفون والكاميرا.. يحب رؤية تصريحاته وآرائه على شاشات التليفزيون وفى الصحف..
الغريب أن كل هذا يتنافى تماماً مع سلك القضاء الذى ينتمى إليه.. ومع المنصب الرفيع الذى تقلده فى يوم من الأيام.. والذى يتطلب وقاراً مغلفاً بالغموض فى معظم الأحيان.. وقلة فى التصريحات والحوارات الصحفية.. حتى تكاد كلماته توزن بميزان الذهب!!
٤ ـ لا يفترض أن يمتلك من هو مثل جنينة رفاهية «حكايات خالتى اللتاتة» التى يتفوه بها كثيراً.. كما لا يحمل الجيش المصرى «بطحة» على رأسه.. ولا يمتلك فكر العصابات المسلحة ليخشى وثائق ستظهر إذا تعرض البعض للفريق عنان.. فضلاً عن التعجب من ذلك النوع من الشرف الذى يسمح لجنينة أن يقبل بإخفاء «وثائقه المزعومة» فى حالة الإفراج عن الفريق وكشفها إذا تعرض لمكروه!!!
لقد كلف الحديث المرسل جنينة من قبل منصبه.. وسيكلفه هذه المرة ما هو أغلى بكثير فى الأغلب!!
٥ ـ يثير المستشار المخلوع اللغط حوله كلما تحركت شفتاه.. بل وربما كلما ارتبط اسمه بأى حدث عام منذ أن تولى منصبه فى سلك القضاء.. فقد كان حديثه ضد الزند، وزير العدل الأسبق، منذ أعوام سبباً فى إحالته لمحكمة الجنايات، كما تم اتهامه بتسريب تقرير عن فساد الداخلية لقناة الجزيرة القطرية منذ أعوام!
محاولات فريق الدفاع عن سيادة المستشار بالتشكيك فى قواه الذهنية واجتهادهم لإعفائه من مسئولية ما يصدر عنه من تصريحات لن تفيده فى اعتقادى.. الرجل سليم معافى ذهنياً إلى أقصى حد.. وتأثير حالة «ما بعد الصدمة» المرتبطة بإصابات الرأس.. التى يدعون أنه تحت تأثيرها لا تستمر طوال تلك الفترة.. ولا تجعله يتحدث بدرجة الوعى التى ظهر بها فى ذلك الفيديو الذى تم بثه!
بل إن التشكيك فى قواه العقلية يزيد من درجة الشك بداخل الكثيرين أن ما يصدر منه ليس وليد أفكاره الخاصة.. وأنه جزء من ترتيب منظم لاستهداف القوات المسلحة فى لحظات دقيقة من تاريخها.. وأثناء مواجهتها الشاملة مع أعداء الحياة الذين يعيثون فى سيناء فساداً.. سيحاسب جنينة على ما تفوه به.. وسيدرك جيداً أنه لا يكب الناس على وجوههم فى النار إلا حصاد ألسنتهم!!