يقول الله تعالى «وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ». الخير لا بد أن يُذكر. وقد فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى خيراً كثيراً برعاية قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة (عددهم 15 مليون مصرى)، حتى تم التصديق عليه منذ بضعة أيام. وقد صدر القانون بالتزامن مع عام 2018، الذى خصّصه الرئيس للمعاقين، فى لفتة إنسانية كريمة منه. منذ سنين طويلة والمطالبات لا تتوقف عن إصدار مثل هذا القانون، خصوصاً أن دولاً كثيرة، عربية وأفريقية، لديها هذا النوع من القوانين منذ مدة من الزمن، لكن كل شىء بأوان. فى ظنى أن هذا القانون يُعدّ الإنجاز الأبرز للرئيس خلال السنوات الأربع الماضية. فمع كامل تقديرى للمشروعات التى يقودها ويسعى فى إنجازها، إلا أنه يبقى أن الإنجاز الذى يحمى الإنسان ويصون كرامته هو الأبرز والأهم، خصوصاً إذا كنا بصدد الحديث عن إنسان ضعيف، شاء الله تعالى أن يحرمه من نعم يتمتّع بها غيره، لينظر كيف سيعمل أصحاب النّعم ويتعاملون معه. ويبقى دائماً أن الإحساس بآلام الإنسان الضعيف علامة من علامات القوة. الإنسان القوى يجد ذاته فى العطف على الضعيف وحمايته.
يشتمل القانون على عدد من البنود المهمّة، أجد أن أهمّها ضم الأقزام إلى فئات ذوى الاحتياجات الخاصة، وتهيئة المبانى العامة والمؤسسات ووسائل النقل العام بشكل يتواءم مع احتياجات المعاقين، وتوفير سُبل الرعاية النفسية والصحية لهم، وعدم التمييز ضدهم. وحقيقة الأمر فإن موضوع التمييز هذا يمثل وجعاً عميقاً فى نفوس هذا القطاع من المصريين. فما أكثر ما يتم تهميش حظوظهم فى فرص تُثبت تجربتهم وبلاؤهم فى الحياة أنهم جديرون بها. مرات كثيرة اشتكى لى بعض المعاقين من رفض كليات معينة وأقسام علمية داخل كليات التحاقهم بها (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى). ويتناسى القائمون على أمر هذه الكليات والأقسام أن الرجل الذى رفع شعار مجانية التعليم الجامعى فى مصر كان معاقاً، وهو الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى، رحمه الله.
من المواد اللافتة فى القانون أيضاً المادة رقم (6) التى تنص على التزام وزارتى الصحة والتضامن الاجتماعى ببناء قاعدة بيانات عن الأشخاص ذوى الإعاقة فى مصر، بصورة تُيسر الوصول إليهم بما يحتاجون من خدمات. وتقديرى أن أى أداء ناجح لا بد أن يستند إلى قواعد بيانات، فأنت لا تستطيع أن تحل مشكلة ليست لديك معلومات كافية ووافية عنها. يشتمل القانون بعد ذلك على مجموعة من المواد الأخرى المهمة، أبرزها توفير نسبة 5% من الإسكان الاجتماعى لذوى الاحتياجات الخاصة، والإعفاء من الكثير من البنود الضريبية والجمركية، فى ما يتعلق بالدخل، والحصول على الأجهزة والمعينات الطبية اللازمة لهم، بالإضافة إلى منحهم الحق فى الجمع بين الدخل الناتج عن العمل وأى معاش مستحق لهم.
القانون بكل المقاييس عظيم، ومؤكد أن الملايين الـ15 من ذوى الاحتياجات الخاصة فى مصر ينتظرون صدور لائحته التنفيذية، وأتعشّم ألا ينتظروا طويلاً. وليت الرئيس يعطى توجيهات حاسمة لجميع مؤسسات الدولة الصحية والتعليمية والاجتماعية والإعلامية بالالتزام بمواده الـ58، وأن تكيف أوضاعها فى أسرع وقت، بما يؤدى إلى تفعيل بنوده على أرض الواقع.