مصمص شفاهه وابتلع ريقه وسحب نفساً وراء آخر وتقمص دور محمد حسنين هيكل والسيد يس وراح يجيب عن أسئلة المذيعة، ليقول وبروح الثلج وببرود لا مثيل له وبتبلد لا ينافسه فيه إلا مضيفته، وقال: «أوروبا والغرب لا يريدون التدخل فى مصر لأنهم لا يتحملون 100 مليون مشرد آخرين.. ويكفيهم مشردو المنطقة»! وبالطبع يقصد التدخل العسكرى، وبالطبع يقصد الأشقاء فى سوريا وليبيا واليمن والعراق وفلسطين قبلهم جميعاً ولبنان بدرجة أو بأخرى!
ثم تتساءل.. كيف كان هذا الشخص يعيش فى مصر؟ يحمل جنسيتها ويحيى علمها ويشرب من نيلها؟ كيف لم ينفعل على المذيعة ولم يوبخها أو يترك لها الاستوديو؟ وبالطبع يبدو السؤال الأخير «عبيطاً» فلم يغادر بهى الدين حسن مصر إلى فرنسا ومن الأخيرة إلى بريطانيا لكى ينفعل على ليليان داوود أو ليترك لها الاستوديو!!
ينبغى الآن أن نترك بهى الدين حسن قليلاً وسنعود له لنتوقف عند ليليان نفسها.. لتكتشف أن ابنة الـ«بى بى سى» لغز كبير لهواة الألغاز، لكنها كتاب مفتوح عند أصحاب البصيرة الوطنية.. بالرغم من عمليات تمريرها للمواطن المصرى.. فهذه صحيفة مثلاً تحرر موضوعاً عنوانه «36 معلومة عن ليليان داوود» ستجد منها أنها تقرأ صحف الصباح! وأنها تشاهد فضائية كذا بانتظام! وأن نجمتها المفضلة هى فلانة الفلانية! وأنها تستخدم الإنترنت يومياً! وأنها تشاهد التليفزيون لوقت قصير! ومعلومات تستخف بالطبع بعقول الناس إنما كان الهدف تنجيمها فى بلادنا بأى طريقة حتى إن البرادعى يرسل لها عبر «تويتر» ويقول «لكى يا سيدتى الشكر والاحترام على المهنية والمصداقية والشجاعة يوماً ما ستكون لدينا الثقة بالنفس لنفهم قيمة الاختلاف فى الرأى» ثم نفتش عن المهنية وقيم الاختلاف لنجد أن ليليان نفسها وطبقاً لصحيفة أخرى تصفها بأنها اعترضت على دستور 2014، لأنه ينص على محاكمة المدنيين عسكرياً، كما عارضت طريقة فض اعتصام رابعة العدوية! ونتساءل: هل جاءت إلى مصر لممارسة الإعلام أم الاشتغال بالسياسة؟ هل تدير برامجها بحياد وبمهنية كما وصفها البرادعى أم أن لها موقفاً من كل قضية فى مصر؟ وبالطبع سيقول لك المدافعون عنها قولهم المأثور عن الكثيرين إنها عارضت مرسى واحتفلت على الهواء برحيله!! ونقول إن ذلك كان تحصيل حاصل مع تيار شعبى جارف من المستحيل الوقوف أمامه.. كما أن الاعتراض عليه سيحرق صاحبه!
ليليان تقول إنها اختارت أن تترك أوروبا وتعمل فى مصر لدعم شعوب المنطقة بعد ثورات «الربيع العربى»! وهى للأمانة جاءت وما أسمته بالربيع العربى يتعثر ثم يفشل.. لكنها اختارت الشعب المصرى وحده لـ«دعمه»؟! إلى درجة أن يتم ترحيلها من مصر فتذهب إلى لندن لـ«دعمنا» من هناك!! ولم تفكر مرة فى الوقوف بجانب الشعب اللبنانى الشقيق، وقد مر لبنان بأزمات قاسية خلعت قلوبنا عليه.. لكن ينبغى أيضاً أن نتوقف عند فضائية «العربى» التى تعمل بها وتعاقدت معها فى لندن.. وهى واحدة من إمبراطورية قطر الإعلامية، التى تم تجهيزها بعد فضح الجزيرة وأخواتها وحملات مقاطعتها لتكون بديلاً عند الضرورة أو إضافة للإعلام المعادى لمصر عند استمرار باقى القنوات، وقرروا أن تكون قناة عامة وليست إخبارية، تقدم خريطة شاملة بها وجبة إعلامية متكاملة لترضى كل الأسرة المصرية، تضم المسلسل والفيلم والبرامج الأخرى.. لكنها عوامل لجذب المشاهد من أجل البرامج الموجهة إلى مصر.. وهذا ما أقره عزمى بشارة.. لذا علينا أيضاً التوقف عند عزمى بشارة.. وإن زرت صفحة التعريف الخاصة به على موقع «ويكيبيديا» ستعتقد أنك أمام أسطورة كبيرة وعظيمة.. لسبب بسيط جداً أنه هو نفسه من كتب المعلومات عن نفسه.. لكن تعالوا نقول ما لم يقله ولن يقوله بشارة الاسم.. عزمى أنطوان بشارة.. الجنسية.. إسرائيلى قطرى.. مواليد 1956.. انتمى مبكراً للحزب الشيوعى الإسرائيلى وتدرج فيه حتى أصبح من قياداته المهمة.. سافر بعد الثانوية إلى ألمانيا الشرقية للدراسة وعاد ليعمل فى جامعة «بيرزت» ثم محاضراً فى جامعة «القدس» ثم باحثاً فى معهد «فان لير» فى القدس المحتله ثم عضواً بالكنيست عام 1996، وبالتالى لم يتم اعتراض مستقبله مرة واحدة، وفى فيديو شهير يقول حرفياً «لا يوجد ما يسمى أمة فلسطينية ولا أمة عربية وإنهما اختراع استعمارى»!!
كان المطلوب دوراً جديداً لبشارة ومبرراً لانتقاله إلى قطر، وبالطبع الحل موجود بصيغة تقديم أردوغان للشعوب العربية بمعركته المفتعلة من أجل رفع الحصار عن غزة.. اصطنعوا معركة لبشارة فى الكنيست قدم بسببها استقالته، فبرز أمام العرب كزعيم وكمناضل عظيم على الشعب العربى إذن أن ينظر إليه ويستمع له وتحول من «المحلل السياسى» إلى «المفكر السياسى» يتقاضى الآن مرتباً أسطورياً من أموال الشعب القطرى الشقيق!!
نعود إلى بهى حسن.. المصاب بهستيريا «الجيش المصرى» وما يجرى منه وما يحدث داخله وما سيجرى منه وما سيحدث بداخله، ولا يهاجم إلا ثورتى الشعب المصرى فى يوليو 52 ويونيو 2013، ليستقيم على الخط ذاته الذى يسير عليه كثيرون.. علاء الأسوانى.. يوسف زيدان.. الإخوان وغيرهم.. وكما «لا تعرف» سر كل هذا الاهتمام بمصر ولن تعرف من أى أموال يعيش بهى حسن فى باريس.. وما سر الاستقبال الحافل له فى الأمم المتحدة ومن أمينها. ويستقبل فى الاتحاد الأوروبى وبرلمانه، ولم يكن تحريضه على مصر واستهجانه تقريباً للمبررات الغربية لعدم التدخل عسكرياً فيها للخوف من «تهجير» 100 مليون مصرى.. فلم تكن الأولى، حيث سبق بتحريض فرنسا لوقف التعاون ومنع تصدير الأسلحة إلى مصر!! وظل بعدها فى مصر يتحدث عن القمع!! بينما كان الكثيرون يتحدثون عن الطبطبة والدلع معه ومع كل من يحرض ضد بلده.. إلا أننا وكما سمعنا أجدادنا يوظفون أى رقم يسمعونه من أبنائهم وأحفادهم فى انفعال تراثى شعبى رائع ونقلدهم ونقول: ياخى 100 مليون عفريت يركبوك يا بهى!
نقف أمام عصابة متكاملة الأدوار.. كما نقف أمام مؤامرة كاملة الأركان!