انشغل العالم أجمع فى الفترة الأخيرة بالعملات الرقمية، وقد تعاظم هذا الاهتمام بعد الارتفاع الكبير فى أسعار تداول هذه العملات. وتتربع عملة «البيتكوين» على عرش العملات الرقمية، وتعتبر أشهر هذه العملات على الإطلاق. ويمكن القول إن الجماعات الإجرامية المنظمة هى أول المستفيدين من ظهور العملات الرقمية، وذلك بهدف إخفاء قنوات تنقل الأموال. إذ يمكن استخدام العملات الرقمية فى غسل الأموال وتمويل الإرهاب. لكن، مع تزايد شهرة «البيتكوين» تطورت البرامج الإلكترونية القادرة على تعقب حركة من يتداول فيها، الأمر الذى دفع المجرمين إلى البحث عن عملات رقمية جديدة لا تزال تخضع لسرية أكبر وصعوبة فى مراقبة تعاملاتها، وهو ما زاد من الإقبال على تداول العملة الرقمية «مونيرو»، التى تعد العملة المفضلة للتعاملات غير القانونية، بسبب تشفيرها لعناوين مستخدميها، وإصدار عناوين وهمية.
ويأتى تطور العملات الرقمية، اعتماداً على تكنولوجيا «بلوك شين» التى تعد بمثابة دفتر حسابات يسجل بدقة عناوين إرسال واستقبال المعاملات، بما فى ذلك الوقت المحدد وكمية العملة المتداولة، وهذه البيانات يمكن استخدامها من قبل السلطات لكشف وإثبات الجرائم. وقد تفاعلت العديد من الدول والمؤسسات الدولية إيجابياً مع هذه العملات، من خلال البحث عن الآلية المثلى للتعامل مع هذه الظاهرة المالية الجديدة. وللوقوف على كيفية تعامل هذه الدول والمؤسسات مع ظاهرة العملات الرقمية، نرى من الملائم أن نشير إلى بعض الأخبار التى تداولتها وسائل الإعلام العالمية، وهى:
- «بوتين» يدعو إلى إصدار تشريع لتنظيم العملات الافتراضية.
- روسيا تدرس إصدار «روبل» رقمياً.
- مسئول بالمركزى الأوروبى يدعو لتنظيم التعامل بعملة البيتكوين وفرض ضريبة عليها.
- عملة رقمية مشتركة بين الإمارات والسعودية.
- جزر مارشال تقرر إطلاق عملتها الافتراضية كعملة رسمية للدولة.
فى المقابل، حذر البنك المركزى المصرى من التعامل بعملة البيتكوين، مؤكداً أنها لا تخضع لإشراف أى جهة رقابية على مستوى العالم، وبالتالى تفتقر إلى الضمان والدعم الحكومى. كذلك، أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً تحرم فيه تداول العملة الرقمية المشفرة. وأكد مفتى الديار المصرية أن السبب وراء تحريم التداول بالعملة الرقمية هو عدم اعتبارها كوسيط مقبول للتبادل من الجهات المختصة، ولما تشتمل عليه من الضرر الناشئ عن الغرر والجهالة والغش فى مصرفها ومعيارها وقيمتها. وذكر المفتى أن ضرب العملة وإصدارها حق خالص لولى الأمر أو من يقوم مقامه من المؤسسات النقدية، وأن الدولة تحدد معايير صرف العملات ومعاييرها لتجنب التزييف والتلاعب والتزوير سواء بأوزانها أو بمعيارها.
ونعتقد أن العملات الرقمية تمثل الجيل الثالث من العملات النقدية، بعد العملات الورقية والبطاقات البلاستيكية (الفيزا كارد). ويمكن للعملة الرقمية أن تسهم فى تحسن كفاءة المدفوعات بشكل يشبه استخدام البطاقات، عوضاً عن النقد. ويمكن للبنك المركزى المصرى أن يفكر فى إصدار عملة رقمية تجريبية يتم التعامل بها بينه وبين البنوك المحلية أو بين مصر وبين إحدى الدول الصديقة.