«عم محمد»: «بجمع الزبالة بقالى 50 سنة.. ولسه بشيلها»
«عم محمد»: «بجمع الزبالة بقالى 50 سنة.. ولسه بشيلها»
مهما كانت ظروفه الصحية، كبر سنّه التى وصلت إلى 83 عاماً، صوته الذى ضعف عبر الزمن، حركته التى أصابها البطء بسبب آلام قدميه وظهره، إلا أن عم «محمد النوبى» مستمر فى عمله، يمسك فى يده مكنسته اليدوية حتى ينظف شوارع القرية، مقرراً الاعتماد على نفسه من أجل زوجته التى رافقته طوال حياته، وفضّل ألا يمد يده إلى أحد حتى أقرب الناس له، وهم أولاده الـ6. «كل واحد وله ظروفه وحياته، ما أقدرش آجى على حد، هما كتّر خيرهم يساعدوا نفسهم ويصرفوا على عيالهم، أما أنا بنزل كل يوم أكنس الشوارع بالمقشة، وأنا فى المهنة دى بقالى 50 سنة، وطلعت على المعاش دلوقتى، بس لسه بنزل أنضّف عشان ده رزقى، بآكل بيهم أنا ومراتى، والحمد لله»، يقولها «عم محمد» مبتسماً، فوجهه البشوش لا تفارقه الضحكة رغم همومه، وهو يصر على العمل بظهر محنىّ ويدين مرتعشتين: «أنا بحب شغلى، ومش بشتغل بس عشان محتاج ومراتى تعبانة، لكن عشان برضو أساعد فى إن القرية عندنا تكون نضيفة دايماً، ومش معنى إنى طلعت على المعاش يبقى ماشتغلش، لأن فى النهاية أنا بشرّف بلدى قدام الأجانب اللى بيزورونا، وفيه سياح كتير بييجوا يتصوروا معايا، وبكون فرحان جداً ومابتكسفش».
بحب شغلى وفيه سياح كتير بيجوا يتصوروا معايا وبكون فرحان ومابتكسفش
لا يلتزم «عم محمد» بملابس عمال النظافة منذ عمله وبعد خروجه على المعاش، فهو لا يرتاح إلا بارتداء جلبابه الأبيض الذى يبدو عليه الاتساخ: «بحب ألبس الجلابية قوى، وطول عمرى كان بيتخصم ليّا عشان هيئة النظافة عندنا كانت بتسلمنا لبس معين وأنا ماكنتش برتاح فيه، لكن دلوقتى براحتى بقى»، لا يتمنى الرجل الثمانينى سوى خيرات الله على مصر، والصحة التى تجعله قادراً على توفير طعام يومه، هو وزوجته: «وأفضل أشرّف بلدى لحد ما أموت، مش معنى إنى بجمع الزبالة يبقى أتكسف من نفسى، أنا مبسوط من الشغلانة لأنى فى النهاية بحافظ على نظافة شوارع بلدى عشانا قبل ما يكون عشان الغريب اللى بييجى يزورنا، وبتمنى الشباب كلها تعمل زيى ومايتكسفوش من أى شغل، المهم إننا نشتغل».