عنوان المقال قد يثير الدهشة والاستغراب لأن مجتمعنا لا يهتم سوى بحياة وحكايات المشاهير من أهل الفن والرياضة وغيرهم باعتبارهم نجوماً رغم أنهم يأخذون ما لا يستحقون ولكن الكتابة عن السائقين، وخاصة السيارة النقل، فهذا من العجائب.
الإعلام لا يتحدث عن سيارات النقل وسائقيها إلا بالسوء لأنه يتذكرها فقط أثناء الحوادث ومعظم من يتناولها ليس لديه معلومات عن أهميتها والدور الذى تقوم به ولذلك بعضهم عن جهل يطالب بمنعها من السير فى أوقات معينة وعلى طرق محددة بل بإلغائها تماماً وهو لا يعلم أن 99% من أمور حياتنا مرتبط بسيارات النقل.
نحن لدينا كارثة حقيقية فى نقل البضائع منذ عشرات السنين فالدولة اعتمدت على النقل البرى وأهملت النهرى والسكة الحديد ووصلت مساهمتهما 1% فقط بعد أن كانت أكثر من 30% قبل يوليو 1952 رغم أن ربنا سبحانه وتعالى وهبنا نعماً كثيرة لا نستغلها مثل ربط الموانئ الرئيسية بالنيل والسكة الحديد.
النقل بالقطارات والصنادل النهرية يخفف الضغط على السيارات النقل ويحمى الطرق من الانهيار ويحد من الحوادث ويرشد الوقود ويخفض الأسعار لأن تكلفته أقل فحمولة قطار البضاعة الواحد أكثر من مائة مقطورة.
عدد السيارات النقل المرخصة فى مصر 750 ألفاً بكل أنواعها (تريلا ومقطورة ونصف وربع نقل) 80% منها على الأقل ملك للأفراد ليست خاضعة لأى هيئة وتلك هى الخطورة أنه عشوائى بدون أب شرعى ينظم هذا الأسطول الهائل. عدد المقطورات فى مصر 58 ألفاً فقط ومع ذلك هى المتهم الأول فى حوادث الطرق رغم أن مساهمتها فى الحوادث 10% والسيارة الملاكى 40% ولكن حظ المقطورة السيئ أنها فى مرمى الإعلام وغضب المسئولين دائماً.
سائق سيارة النقل متهم بالتعاطى والحقيقة بعضهم فعلاً يتعاطى ولكن ليس بسبب الإدمان بل اعتقاداً منه أن ذلك يمنحه النشاط للقيادة لأكبر وقت وللأسف الدولة مشاركة فى هذه الجريمة بقصد أو بدون لعدم وجود تنظيم لعمل السائقين مثل الدول التى تسمح بالقيادة المتواصلة 4 ساعات فقط مع ضرورة وجود أكثر من سائق أثناء القيادة لمسافات طويلة كذلك الرسوم الكثيرة التى تفرضها الدولة على سيارات النقل وسائقيها فى إجراءات التراخيص والضرائب وعلى الطرق كل ذلك يجعلهم يواصلون العمل ليلاً ونهاراً لتحقيق أكبر عائد ويضطرون للحمولة الزيادة لتعويض ما يدفعونه وتلك هى كارثة كبرى أدت إلى انهيار الطرق وزيادة الحوادث فالدولة تُحصّل رسوماً بالملايين ثم تنفق المليارات على الخسائر المادية والبشرية بسبب الحمولة الزيادة.
الحلول سهلة مع الإرادة، وهى:
أولاً، وجود تنظيم تخضع له جميع وسائل نقل البضائع.
ثانياً، إلغاء الرسوم على سيارات النقل فى مقابل منع الحمولة الزيادة تماماً.
ثالثاً، تطبيق نظام (its) النقل الذكى الذى يمنع الحمولة الزيادة ويُلزم السائق بحارته المرورية وسرعته المقررة.
رابعاً، شمول سائقى النقل بوسائل الحماية الاجتماعية (معاش وتأمين صحى) ومعاملتهم باحترام وكرامة من مؤسسات الدولة، خاصة الإعلام والمرور والطرق فلولا هؤلاء لتوقفت الحياة فى مصر.
خامساً، إنشاء حارات مرورية لسيارات النقل فى الطرق المرتبطة بالموانئ والمحاجر.
سادساً، وهذا هو الأهم، ضرورة تنشيط نقل البضائع من خلال السكة الحديد والنقل النهرى فالدولة تنقل سنوياً سلعاً تموينية بأكثر من 50 مليار جنيه كلها على سيارات النقل هذا بخلاف الوقود ومواد البناء فلا يجب وضع كل البيض فى سلة واحدة.
السيارة النقل ثروة قيمتها 2 مليون جنيه وتنفق على أكثر من أسرة وتسدد أقساطاً فهل يعقل أن صاحبها أو سائقها يتعمد الحوادث وقتل المواطنين؟!