48 ساعة فقط وتعود شوارع مصر وميادينها إلى طبيعتها التى كانت عليها يوم 30 يونيو.. 48 ساعة ويوقع 103 ملايين مواطن «عقداً جديداً» مع من اختاروه قائداً لمسيرتهم على مدى الـ4 سنوات المقبلة.. 48 ساعة وسيعيد ملايين المواطنين مرة أخرى «ركلهم» لـ«جماعة الإرهابيين وتابعيهم» الذين لا يزالون يعيشون «وهم مقدرتهم» على خداع الملايين.. 48 ساعة وسيثبت الملايين أنهم على وعى تام بخطورة مسئولية الاختيار ونتائجه.. 48 ساعة وسيؤكد الملايين ممن يحملون «بطاقة هوية» تشغل خلفيتها صورة «أبوالهول وأهراماته الثلاثة» مدى احترامهم لأرواح شهداء الوطن الذين لا يزالون «أحياء عند ربهم يُرزقون» مثلما سبقهم ملايين من المواطنين ممن «يحملون جواز سفر أخضر اللون» خارج حدود الوطن قبل نحو 10 أيام.
ثلاثة أيام وستنتهى «الانتخابات الرئاسية» بمجمل إيجابياتها التى يتصدّرها «وعى المواطن» باعتباره صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى تحديد الأقدر على تحمُّل مسئولية القيادة حتى عام 2022.
ووفقاً لحساب المكسب والخسارة فإن الانتخابات حققت ما لم يكن يتحقق على مدى عشرات السنين، ويكفيها ما رسمته من «نيولوك» للمجتمع تخلّص به بعض المواطنين من حال «السلبية» التى كانت تسكنهم.. وتآكلت بسببه الأغلبية التى كان يتمتع بها «حزب الصامتين»، وإن كان من الأصح وصفهم بحزب الرافضين للمشاركة، لا لشىء سوى لاطمئنانهم على نتائج هذه الانتخابات!!
على مدى أكثر من ثلاثة أيام سابقة رسمت «انتخابات الخارج» ملامح محددة لواقع سياسى عايشه ملايين المواطنين، أكّد خلالها رجل الشارع -رغم بُعده عن الوطن الأم- أنه شريك أساسى فى صناعة القرار، وأن كلمته هى الأولى والأخيرة فى اختيار من وثق بقدرته على الإنجاز.. على تحمُّل المسئولية.. والتعبير عن طموحاته وآماله.. وعن آلامه!
بعد 48 ساعة ستُرسى ثلاثة أيام دعائم واقع يؤكد إصرار المواطنين على إكمال طريق الإصلاح مهما كانت تكلفته المادية.. بعد أن بدت ملامح ثقافة تتشكل لترسم صورة للمشاركة فى صياغة واتخاذ القرار!
ثلاثة أيام ستكتسب بالضرورة خلالها لغة الحوار بين المواطنين مفردات جديدة.. ستتبدّل طبيعة الاهتمامات فى الشارع.. سيتنازل المواطن طواعية عن 90 دقيقة يستغرقها «ماتش» لكرة القدم ليصطف أمام لجان الاقتراع.. قنوات التليفزيون سيجرى ضبطها فى المنازل لتهجر ملعباً للكرة وتسكن فى مقارّ الإدلاء بالصوت.. حتى مسلسل التليفزيون لن يعد يشغل بتفاصيله ربات البيوت!!
ثلاثة أيام سيُبدل المجتمع الاكتفاء بترديد «مصر هى أمى» إلى ترجمته لـ«عمل إيجابى».. وسيهجر المواطن مقاعد المتفرجين ليشارك فى تحديد مستقبله.. سيؤكد رفضه لموقع «مفعول به» ليقفز إلى «فاعل» فى جملة العمل العام.. ثلاثة أيام وسيؤكد المواطن رفضه القاطع لعودة «شيخوخة السلبية» -التى سكنت ملامحه سنوات طوالاً- إلى وجهه مرة أخرى، وسيعلن تمسكه بهذا «النيولوك».
من ناحيتى سأقول «نعم» لمن يضمن لى وحدة الدولة.. من نجح فى تجميع أشلائها.. من يستطيع أن يجمع ولا يفرّق.. من يصون ولا يبدّد.. من يدير حواراً يستهدف به المصالحة الوطنية والتسامح.. من لا يستهدف الثأر أو الانتقام أو الإقصاء.. من أثق فى قدرته على الإنجاز.. من هو قادر على العمل والفعل وليس الادعاء. وباختصار، سأنتخب من يؤمن حقاً بمصلحة الوطن وبأن مستقبله يجب ألا يكون مستورداً من خارج الحدود أو خاضعاً لمن يؤمن بأحكام الصدفة أو ميداناً لتجربة «مغامر» أو من يراهن عليه.
سأنتخب من أرى أنه قادر على ترجمة «حلم مواطنيه».. من يستطيع بالفعل أن يحمى حدود «وطن» يردد ملايين التلاميذ اسمه فى طابور الصباح «بلادى.. بلادى».. من ينتمى للمؤسسة العسكرية «مدرسة الوطنية المصرية».. من تسرى «ثقافة القيادة» فى دمائه و«تتحكم» فى سلوكياته و«تصوغ» قراراته و«تحدد» ممارساته بالكامل و«ترتب» أولوياته.
سأقول نعم لمن لا يفرّق بين محمد ومينا.. من لم تمنعه حدود بلاده عن القصاص لـ21 من أبنائه الأقباط ذُبحوا بسكين الضلال على يد «داعش» وولىّ أمرها «الإخوان الإرهابيين».. من يرى مستقبل الوطن فى ملايين الأطفال، سواء من تداعب «نسمة العصارى» خصلات شعورهم فى أحد النوادى الراقية أو ممن يركل الكرة فى إحدى الحارات.. من يقلد أوائل خريجى الكليات العسكرية أبناء درع الوطن «نوط التفوق» ويفكر فى ذات اللحظة فى كيفية إخراج مئات الآلاف من خريجى الجامعات ومدارس ومعاهد التعليم المتوسط من طابور البطالة اللعين الذى سكنوه طويلاً ولم تُختبر قدرة أى منهم المهنية نظراً لانتظامهم فى هذا الطابور.
من لم تُسكره نشوة «الهتاف بحياته».. أو يُطربه لقب «سيادة الرئيس» أو تُلهه فلاشات الكاميرات عن الملايين من مواطنيه الذين افترس «فيروس سى» أكبادهم فأنهى متاعبهم ليصبح «الفيروس» مجرد ذكرى.. من كانت توجيهاته دائماً لمعاونيه لحظة إعداد الموازنة العامة للدولة ضرورة مراعاة الملايين من أصحاب المعاشات وتيسير حصولهم عليها بدلاً من أن يخرج معظمهم بعد صلاة الفجر لينتظموا فى طوابير مهينة أمام مكاتب البريد أو البنوك.. من أوفى بقسمه «وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة» وهو يؤدى اليمين الدستورية رئيساً لأول مرة وانحاز للملايين من شعبه الذين غابوا طويلاً فى متاهة النسيان وأصدر لهم وثيقة «أمان» بعد أن كانوا مجرد صفر على يسار الاهتمام العام.. من راهن بشعبيته الجارفة عندما كان صاحب «الطلقة» الأولى فى معركة إعادة بناء الوطن واسترداد هيبته التى جرفتها ممارسات غير مسئولة على مدى أكثر من 33 عاماً، إلى أن تحولت وقت «الإخوان المخادعين» إلى ممارسات «غبية»!!.. من.. ومن.. ومن.. ولكل ذلك سأنتخب السيسى ليس من أجله هو بل من أجلنا جميعاً.. ولك يا مصر دوماً السلامة.