جاءت معرفتى برفيق حبيب المفكر المصرى المسيحى عام 2005 بعدما قرأت بعضاً من كتاباته وأدركت بحثه فى قضية الهوية فى المجتمع على اختلاف انتماءاته الدينية. وتملكتنى الدهشة وقتها حينما علمت أن الرجل الإنجيلى، أحد داعمى الإخوان ومؤيدى فكرها! ثم زاد الأمر مع تعيينه مستشارا لمحمد بديع المرشد العام للإخوان فى 2010! وهو ما فسره البعض وقتها بأنه رسالة إخوانية للغرب والولايات المتحدة بقبول الجماعة للمسيحيين وعدم ممانعتها مشاركتهم الأمر إن هى وصلت لسدة الحكم والدليل.. رفيق حبيب. لكننى كنت أدرك وقتها أن الرجل أعمق من أن يُستغل. وقتها قال عصام سلطان لى ولغيرى إن رفيق حبيب أسلم منذ سنوات ويخفى إسلامه ليستفيد الإخوان من هويته المسيحية. لكننى لم أعط لمقولة «سلطان» الاهتمام، فالحرية مكفولة للجميع فى اتخاذ ما يؤمنون به سياسيا ودينيا. وجاءت ثورة يناير وواصل حبيب سيره فى القافلة الإخوانية، ورغم اتساق مواقفه مع قناعاته المعلنة منذ سنوات، ورغم إحجامه عن كثرة الحديث وابتعاده عن اللغط الإعلامى، إلا أننى لم أكن أخفى دهشتى بما يقول ويفعل، حدث هذا حينما تم تعيينه نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة، وحينما شغل منصب مستشار مرسى. وحينما باتت أقواله تخرج بذات لسان الإخوان ومبرراتهم التى تعانى الاضطهاد وغياب الرؤية واتهام الآخر. ومنها تصريحاته فى أكتوبر من عام 2012 أن المجتمع المصرى يتعرض لحرب على هويته الإسلامية بسبب التغريب والتدخل الخارجى، وأنظمة الحكم المستبدة!!! وتساءلت يومها أى حرب على الهوية الإسلامية والإخوان فى سدة الحكم؟ ألا يرى الباحث فى شأن الهوية ممارسات التيارات الإسلامية وتأثيرها فى حكم المجتمع على رؤية الإسلاميين للحكم؟ ثم ألم يسمع مستشار المرشد والرئيس عن علاقات الجماعة من ناحية، والسلفيين من ناحية أخرى بالغرب ولقاءاتهم بهم؟ فعن أى تدخل يتحدث؟ ثم ألم يكن الرجل جزءا من منظومة الرئاسة عند صدور الإعلان الدستورى فى نوفمبر الماضى حينما كرس لأنظمة الحكم المستبدة؟! ويحك يا رجل ولما تقول! لم يكن أمامى إلا تجاوز مرحلة الاندهاش بـ«حبيب» وقد كنا إزاء حالة عبثية قادها الإخوان والتيارات المتأسلمة فى تلك الفترة، لذا لم أهتم لإعلانه استقالته من منصبه كمستشار لمرسى بعد أحداث الاتحادية، معلنا اعتزاله العمل السياسى وتفرغه للعمل البحثى! ولكن عادت لى دهشتى مجددا من «حبيب» هذه الأيام وأنا أسمع عن توليه رئاسة حزب الحرية والعدالة، ثم وأنا أقرأ له بحثه «سيناريوهات نهاية الانقلاب» الذى يتحدث فيه عن أن مناهضة الانقلاب لن تكون إلا من خلال مواصلة الثورة عليه لمنعه من تنفيذ خارطة طريقه، أو عبر المشاركة فى الاستفتاء على الدستور والحشد لرفضه وهو المتوقع فى رأيه، أما إذا قبل المجتمع الدستور نتيجة لحالة التغييب فى الوعى التى يعانى منها فيكون على الإسلاميين مضاعفة المجهود لعلاج التغييب لدى المجتمع! أو تراجع قادة الانقلاب عن غيهم وقبول الحل السياسى المشروط بوقف كافة الإجراءات التى اتخذوها حينما يدركون أن المعارضين لهم هم الأغلبية.! يدهشنى حبيب الباحث فى شأن الهوية وأنا أراه بلا منطق ينفذ تعاليم العم سام -بقصد أو بدون- فلم تعد تعنينى النيات فى تلك المرحلة الحرجة من تاريخنا. فقط ما يعنينى هو نتائج الأفعال ومؤداها. لم يعد يفرق بالنسبة لى حبيب عن القرضاوى، الداعى لعصيان الجنود وانقلابهم على جيشهم بعد فشل الاستقواء بأمريكا، ولا أبوالفتوح الحالم بكرسى الإرشاد وكرسى الرئاسة معاً، ولا غيرهم من الباحثين عن وهم أو الداعمين لفوضى، العاشقين للحالة الثورية وحسب من دون هدف.. الكل سواء يهدمون الوطن.