الثغرة الأولى: من بين الكتابات المختلفة حول تسريب فيديو فيه ألفاظ جنسية لبعض المحللين الرياضيين أعجبنى تعليق متزن للكاتب الأستاذ عصام بكرى نشره بجريدة «الوطن» يوم 31 مارس 2018م بعنوان «العته الأخلاقى»: جاء فيه أن المحللين ساووا بين «البيت والشارع والكافيه» وبين «الاستوديو والبلاتوه»، فلم يعتبروا الاستديو مكان عمل، ولا جعلوه فى مستوى تقدير ملعب الكرة، فهم يعلمون أن القانون يعاقب اللاعب إذا تلفّظ بلفظ خارج أثناء المباراة، وأنهم طالما ظلوا جالسين للهواء ومعهم ميكروفوناتهم فهم فى حالة «الهواء»، وينبغى أن يكونوا فى غاية الالتزام، أما الخصوصية المزعومة فهى محض ادعاء مضحك، فأى خصوصية تلك وهم وسط استوديو به مصورون وعاملون ويتابعهم كنترول به مخرج ومساعدون ومسجلون ومونتيرون ومتخصصون فى الفيديو فونت وفنيون للإضاءة؟! أى خصوصية وسط كل هذا الجمع؟! ثم إن ألف باء فى الظهور على الهواء أن يظل الجميع فى حالة انضباط تام واحتراز لأنه قد يحدث أى خطأ عفوى فيتم نقل الصورة فجأة.
الثغرة الثانية: انتقل جثمان عالم الفيزياء ستيفن هوكينج إلى مقابر العظماء فى لندن، وهى المقابر التى دفن فيها إسحاق نيوتن وداروين، ولأنه كان مشلولاً فقد ضرب نموذجاً يحتذى فى الجدية وعدم اليأس والاجتهاد والاستسلام، وقد حفل تاريخنا بنماذج مشرفة من أناس امتحنهم الله فى جوارحهم، ومع ذلك ضربوا نماذج رائعة فى هزيمة العجز والإحباط والمرض.
ثم إن العالم كله نظر إلى «هوكنج» على أنه عالم كبير خدم الإنسانية، ودبجت المقالات التى تهتم بإنجازه العلمى، ونضاله من أجل الفقراء والمستضعفين، إلا تياران فقط، تطرفوا فى النظرية إليه، الملحدون بدين الله، والمتشددون فى دين الله، أما الملحدون فتوقفوا عند إلحاده وتركوا جهوده، وبالتالى أضافوه كمرجعية للإلحاد، كما أن المتشددين من المسلمين توقفوا عند أنه ملحد، وبالتالى هو فى النار، وتلك نظرة عقيمة سقيمة، والحقيقة أن الرجل كان ملحداً فعلاً، لكنه لم يهتم بقضية الإلحاد ويجعلها قضيته الأم، بل مرت فى حياته مرور الكرام، فتوقف الطرفين عند إلحاده يؤكد انعزالهم عن المعانى الإنسانية، والاستهتار بتاريخ الرجل، وتلك ثغرة كبيرة.
الثغرة الثالثة: لو صدق الإخوان فى كلامهم عن أن بعض المواطنين صوتوا لـ«السيسى» طلباً لزجاجة زيت أو كيلو سكر كانت توزع عند اللجان، أو للخوف من غرامة الـ500 جنيه!! لو صدق هذا الكلام لكان ضد الإخوان، وليس معهم، لأنه يعنى أن المواطن المصرى لم يجد إغراء فى جنة الإخوان، ولا أحاديثهم التى تبشر من يتبعهم بالفوز، ولا قنواتهم التى تحذر من أن «السيسى» كافر معادٍ للدين، ولا صفحاتهم التى تتحدث عن أنهم أهل جهاد ومقاومة، كل ذلك لم يقنع المواطن المصرى، واقتنع بأن زجاجة الزيت خير له من الإخوان وجنتهم التى وعدوا بها من يقاتل فى سبيل قضيتهم.. تحية لهذا المواطن الذى هداه عقله إلى أن كيلو سكر خير له من تنظيم الإخوان.. إنها ثغرة جديدة فى جدار الإخوان.