تبدأ فى يوليو المقبل مرحلة صعبة من برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى للهيكلة المالية للموازنة المصرية حسب الاتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على الدفعة الأخيرة من التمويل المالى.
وتأتى هذه المرحلة الصعبة وسط تحمُّل فاق حدود الطبقة الوسطى، فما بالك بالطبقة الفقيرة؟! ولعل هذا التوقيت يكون قدراً إلهياً أكثر منه تقديراً بشرياً، إذ تجىء هذه الفترة بعد أن بايع المصريون رئيسهم المحبوب عبدالفتاح السيسى للمرة الرابعة فى أربع سنوات متتالية، لينتظرهم اختبار صعب جديد لمزيد من الالتفاف حول رئيسهم ومزيد من الصبر من أجل وطنهم، ولكن هناك اعتبارات هامة قد يكون منها ما يلى:
أولاً: إعادة النظر فى الخطة الاستثمارية للحكومة التى أقرّ موازنتها الشهر الحالى مجلس النواب، حيث يجب أن تراعى ما يلى:
1- ألا تطال الأعباء الطبقة الفقيرة مطلقاً، وأن تبتعد الإجراءات بشكل كامل عن هذه الطبقة، والعكس تماماً هو الصحيح من حيث مزيد من قوائم برنامج تكافل وكرامة، ومزيد من سيارات الأمن الغذائى كل يوم، ومزيد من القوافل الطبية تجوب المحافظات، ومزيد من فرص العمل اليدوية التى تشكل قاعدة بين العمالة التى تنتمى لهذه الطبقة، حيث يحمل كل منهم الفأس والكريك وينتظر من يستدعيه فى شوارع المدن الجديدة لأعمال الحفر والبناء.
2- أن تطال الأعباء الطبقة المتوسطة بقدر وليس بجور، وهو قدر محسوب بالضرورة ألا يطال الحياة اليومية لهذه الطبقة، بحيث يكون التكييف للضرائب والمراوح بالمجان، وهو أمر يجب أن تراعيه شركات الكهرباء، وأن تكون استخدامات المياه بحساب للفرد فى متوسط يومى وشهرى لو زاد عن ذلك يدفع المستهلك فرق الرفاهية، فهذا زمن الحد من استهلاك المياه إن لم يكن للاقتصاد فيه ضرورة، فللحفاظ على المياه نفسها ضرورة الضرورات.
3- أن برنامجاً عاجلاً هذا العام لتشغيل الشباب عبر شركات القطاع الخاص والشركات القابضة والعامة الحكومية بعيداً عن الوزارات يمثل محوراً هاماً فى تحمُّل الأعباء الصعبة التى تشكّلها هذه الفترة، وقد يكون هذا المحور هو أهم محاور الدعم الاجتماعى على الإطلاق.
4- السيطرة على جنون أسعار الخدمات من خلال إجراءات صارمة لأجهزة الدولة، وأسعار استرشادية، خاصة فى المستشفيات والعيادات والمعامل والمدارس الخاصة والجامعات الخاصة، فقد أصبحت هذه المؤسسات الخدمية فى الأصل أكثر ربحاً وثراء من الشركات التجارية والصناعية، وليس معقولاً أن يكون التعليم والعلاج فى الدول الأوروبية أقل سعراً منهما فى مصر، فهذا لا يصدقه عقل، وإنما هو هروب من التزامات هذه المؤسسات الاجتماعية تجاه شعب يكتوى بنار الأسعار.
5- أن تكون بدائل خدمات الصحة والتعليم فى الجمعيات الأهلية، والمراكز التعليمية بديلاً عن الدروس، والمستشفيات الصغيرة والمستوصفات الأهلية الخاصة بديلاً عن المستشفيات الاستثمارية ذات الأسعار الغالية، ولا بد أن تكون للحكومة خطة خاصة لمزيد من انتشارها جغرافيا ومزيد من تطويرها لتقديم خدمات أفضل، ومزيد من التراخيص لها، خاصة فى الأحياء الشعبية، مع اشتراط وجود صيدلية فى كل مستوصف أو مستشفى صغير تبيع بهامش ربح صغير، ولا بد أن تفكر الحكومة فى جمعيات تعاونية خدمية للصحة والتعليم يساهم فيها أفراد كل حى وقرية ويديرها مجالس إدارة منهم تراعى ظروفهم وتقدم خدمات تحقق الحد الأدنى من الجودة.
6- وزارة الاتصالات مطالبة بتوفير خدمات رخيصة للتليفونات المحمول وشبكة الإنترنت من خلال باقات محدودة الساعات يومياً، ما يزيد عليها يدفعه المواطن للحكومة وليس لشركات المحمول التى تورمت مالياً من جيوب المصريين، فإن استخدام التليفون والنت 3 ساعات يومياً هو الحد الأدنى للسعر المنخفض أو الإعفاء، وما يزيد على ذلك فعلى الحكومة أن تأخذ حقها وزيادة من شعب أصبح لديه 106 ملايين محمول مستخدم!
7- منظومة النقل العام لا بد أن تدخل بسرعة فى كافة الأنواع من الميكروباص إلى الأوتوبيس، ولكن بإشراف حكومى لشركات خاصة، فقد ثبت فشل الإدارة الحكومية لمثل هذه المرافق، وتحديد التسعيرة فى خطوط المناطق الفقيرة والشعبية ضرورة عاجلة، والنهج الذى سارت فيه الحكومة خلال العامين الأخيرين يشير لنتائج جيدة من حيث أوتوبيسات الـ10 جنيهات التى توفر بنزين السيارات مقابل أوتوبيسات رخيصة الأجرة تغطى كل الخطوط، إن الحقيقة المرة أن نفقات النقل أصبحت تشكل عبئاً حقيقياً على المواطن المصرى المطلوب منه حد أدنى لكل فرد من الأسرة 20 جنيهاً يومياً على الأقل، وفى أسرة أفرادها خمسة أشخاص يصبح مطلوباً منه 2000 جنيه شهرياً على الأقل!
8- على الحكومة أن تراعى بشدة توقيت ونوع الإجراءات المقبلة من يوليو إلى سبتمبر المقبل، فإن شريحة ليست بمحدودة من الشعب لم يعد لديها المزيد لتقدمه للموازنة، وأصبح أقصى أملهم أن يبقى الوضع كما هو عليه، وليس ليزيد من أعبائهم.
وختاماً: إن الشعب الذى تحمّل أقصى درجات التحمُّل لأعباء التحول الاقتصادى ثقة فى رئيسه الذى يثق فى نزاهته ووطنيته مستعد أن يتحمل المزيد ويفعل ما عليه تجاه وطنه، بشرط شعوره بصدق الحكومة فى أن تفعل ما عليها لحمايته!!.
(تحيا مصر.. تحيا مصر)