8 مهرجانات خلال 40 يوماً.. «عشوائية التوقيت» تقود فعاليات مصر الفنية.. والسينمائيون: إعادة توزيع الأجندة الحل الوحيد
حفل ختام الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائى
حالة من التخبط والعشوائية أصبحت تسيطر على المهرجانات المصرية، التى تشرف عليها وزارة الثقافة، سواء بشكل كلى أو جزئى، لا سيما بعد تزايد أعدادها فى الفترة الماضية، فالساحة باتت تعانى من تكدس الفعاليات الفنية فى أشهر قليلة، مقابل خلوها تماماً فى فترات أخرى، فضلاً عن عدم الاهتمام بالترويج الكافى لتلك المهرجانات، التى تحظى باهتمام ملحوظ فى بعض الدول، التى تخطط لها جيداً وفقاً لجدول زمنى مناسب.
الساحة الفنية شهدت تكدساً ملحوظاً خلال الشهرين الماضيين، حيث انطلقت فعاليات الدورة الثانية من مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة فى الفترة من 20 إلى 26 فبراير الماضى، أعقبتها الدورة الـ66 من مهرجان المركز الكاثوليكى للسينما، وبعد أيام انطلق مهرجان القاهرة الدولى لسينما المرأة فى دورته الـ11، فى الفترة من 3 إلى 9 مارس، وهى المدة نفسها التى تنطلق فيها الدورة الثانية من مهرجان شرم الشيخ السينمائى، بينما انطلقت الدورة السابعة من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فى الفترة من 16 إلى 22 مارس، ثم انطلاق الدورة الثالثة من مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى، يوم 1 أبريل، وهو الشهر الذى يشهد انطلاق الدورة الـ20 من مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، فى الفترة من 11 إلى 17 أبريل، بالإضافة إلى المهرجان الدولى للطبول والفنون التراثية «حوار الطبول من أجل السلام» برئاسة الفنان انتصار عبدالفتاح، وهو الحدث المقام فى شهر أبريل أيضاً، بينما تشهد الأشهر الـ10 المتبقية فعاليات لا تتجاوز أصابع اليدين.
«مندور»: فقدنا التواصل مع الجمهور والأغراض السياسية غلبت على الطابع الثقافى والسينمائى.. و«الجونة» الوحيد الذى نجح فى الترويج لنفسه سياحياً
وأشار الدكتور مدحت العدل إلى أن أجندة المهرجانات المصرية فى حاجة إلى تنظيم، مضيفاً: «المهرجانات التى تعتمد على التواصل مع الأجانب بشكل أكبر من غيرها، لا نستطيع تغيير تاريخها، على سبيل المثال مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، يأتى ضمن 23 مهرجاناً للسينما الأفريقية موزعة على مستوى العالم على مدار العام، وبالتالى يرتبط مهرجان الأقصر بما قبله وما بعده، بالإضافة إلى النجوم الذين يستضيفهم، لذلك يكون من الصعب تغيير موعده، بالإضافة إلى مهرجان القاهرة السينمائى فهو مهرجان دولى معتمد من الاتحاد الدولى للمنتجين، ويصعب تغيير موعد إقامة فعالياته».
وتابع «العدل»: «هناك مهرجانات يمكن تغيير موعدها دون أن يؤثر ذلك على فعالياتها، مثل مهرجان شرم الشيخ أو أسوان، بالإضافة إلى مهرجانات أخرى يمكن إقامتها فى توقيتات مختلفة ومناسبة لفعالياتها، فهذا الأمر مسئولية اللجنة العليا للمهرجانات، فيجب أن تجتمع للتنسيق بين مواعيد المهرجانات، بشكل لا يضر بالفعاليات وتواليها».
وقال الناقد والكاتب يوسف شريف رزق الله إن هناك مشكلة متعلقة بتوزيع المهرجانات والفعاليات السينمائية على مدار العام، وتنظيمها وإعادة توزيعها هو إحدى مهام لجنة المهرجانات المشكلة من جانب وزير الثقافة، متابعاً: «المهرجان الوحيد الذى يعقد فى موعد ثابت ولا يمكن تغييره هو مهرجان القاهرة السينمائى، وبخلاف ذلك ترتبط مواعيد إقامة المهرجانات بقرارات رؤسائها وبالتالى يمكن التحكم فى فترات إقامتها».
أضاف «رزق الله»: «مهرجان القاهرة لسينما المرأة يقام فى نفس التوقيت مع مهرجان شرم الشيخ، ولكن كل منهما لديه جمهور مختلف، وبالتالى لا يوجد تعارض بينهما بشكل كبير، فهناك عوامل أخرى يجب مراعاتها عند التنسيق بين المهرجانات، منها مراعاة الفترة الزمنية، فعلى سبيل المثال لا يمكن إقامة مهرجانات فى مدن ساحلية فى الشتاء، أو مهرجانات مثل الأقصر أو أسوان فى الصيف».
ويرى المخرج والمنتج شريف مندور أنه من غير المنطقى أن تتكدس المهرجانات فى شهرين، وتظل بقية العام خالية من الفعاليات الفنية والثقافية، موضحاً: «يجب دراسة الظروف السياحية والمناخية فى كل المحافظات، حتى عند تحديد كشف المهرجانات المصرية يتم توزيعها بشكل مناسب على المحافظات».
«العدل»: بعض الفعاليات الدولية لا يمكن تغيير مواعيدها والأمر يحتاج إلى تنظيم
أضاف «مندور»: «للأسف المهرجانات فقدت معناها، بعدما فقدت التواصل مع الجمهور تماماً، فالحضور أصبح يقتصر على فئة الضيوف فقط، وهى مجموعة واحدة تقريباً، أنا واحد منهم، فهم يحضرون كل المهرجانات المصرية، وبذلك لا يصل المهرجان إلى جمهور حقيقى».
وتابع: «ما يتردد حول التواصل مع الجمهور ونشر الثقافة السينمائية غير حقيقى، حيث تخلت المهرجانات عن مهمتها وأصبحت غاية فى حد ذاتها، فالأغراض السياسية باتت متفوقة الأهداف الثقافية والسينمائية، على سبيل المثال عندما تمت دعوة دانى جلوفر وجميلة بوحيرد، تحققت ردود فعل جيدة ولكن فى الاتجاه السياحى وليس فى اتجاه المهرجانات التى تقوم على تسويق المنتج بالإضافة إلى نشر الثقافة ومد جسور ثقافية بين المبدعين وصناع الأفلام من دول أخرى».
وقال: «30 ألف شخص كل عام يحرصون على حضور مهرجان كان السينمائى، حيث تكمن أهميته فى قيمته باعتباره أكبر سوق للأفلام فى العالم، وبالتالى أصبح واحداً من أهم المهرجانات العالمية، بالإضافة إلى مهرجان برلين السينمائى الذى يضم سوق الفيلم الأوروبى، بالإضافة إلى أنه يشهد بيع وشراء أفلام من مختلف الدول، ولكن بسبب محدودية الجهات المهتمة بشراء الأفلام المصرية لا نرى هذا الإقبال على المهرجانات المحلية».
ولفت «مندور» إلى أن مصر تنظم ما يشبه المهرجانات، من خلال دعوة ضيوف وعرض أفلام «لا يراها أحد» على حد قوله، مضيفاً: «لا يوجد تواصل حقيقى من أهل المدن التى تستضيف المهرجانات، حيث يقتصر الحضور على الضيوف من نقاد وصناع سينما وصحفيين».
واستطرد: «الهدف السياحى المرجو من خلال تسويق مصر كواجهة سياحية لا يتحقق، فلا توجد محطات أجنبية أو عربية لتغطية الأحداث، وبالتالى لا تصل أخبار المهرجانات إلى أى مكان فى العالم، ويظل مهرجان الجونة هو الوحيد الذى نجح فى تحقيق حالة سياحية جيدة لأنه تمت تغطية وقائعه إعلامياً بشكل جيد داخل مصر وخارجها، حيث عمل على تحديد أهدافه وتحقيقها بشكل جيد».