ما حدث ذلك اليوم لم يكن مفاجأة بالنسبة لي، فقد كنت مستعدًا أن يأتي وقت ولا أجدك في فضاء الإنترنت. الأمر المُضحك هو اعتقادك بأني لن أجدك.. أو تخيلك منظري وأنا مصاب بالملل من البحث عن عينيك في أيامي المقبلة.
في الحقيقة، لم تصدمني فعلتك المشينة، وتصرفك الأهوج، وقرارك الأحمق، حينما أردتِ أن تقطعي كل سبيل للالتقاء بيننا، ألا تعلمي أنك وعلى الرغم من ضيق صدري قد سكنت براح القلب، ألا تعلمي أنكِ تجرين مني مجرى الدم.
تقولين أنكِ لا تؤمني بالحب! كيف وقد عشتِ عمرك تبحثين عنه.. تقولين أنك مِلكُ أبيكِ، إن كان الأمر كذلك حقًا، وإن لم تكن مجرد حيلة قد لجأتِ إليها لتعبري عن عدم رغبتك في إمضاء ما تبقى من سنوات عمرك معي، فغدًا تصبحين ملكًا لشخص آخر، بين أربعة من الحوائط يبني لك سجنًا.. بربك هل هي الحياة التي تريدينها، أو هل هي ما تستحقي.
تقولين أيضًا أنه ليس لديك استعداد لخوض حرب من أجل الحب.. كباقي الكائنات إذن تعيشين، ومثلها عن هذا الكوكب ترحلي، فوحدها المخلوقات السامية، ذات القلوب النابضة بالحبِ تعيش، وطويل عمرها يا عزيزة عيني، حتى بعد الموت؛ فإن سير العشاق لا تنقطع، وتظل الأجيال تسترجعها لتتعلم منها.
بارتياح أطلب منك أن ترحلي عن عالمي.. اخرجي من رأسي، فارقي دمائي، أعلم يقينًا أنه لو كان بيدك لفعلتِ، لكنها رغبتي العمياء، واختياري الأعرج، أن تكوني سببًا في أرقي واضطراب خواطري.
فإن فارقتِ، أو رحلتِ، أو من رأسي المُختلْ خرجتِ، ستودعيني حينها جثة هامدة، لا روح فيها تتمناكِ، ولا قلب أخضر ينبض بحروف اسمك مستغنيًا عن الكون، لو كان بيدك لفعلتِ، فأنا ومن بين ألوف الملايين في هذا العالم البائس، أعرف مدى قسوتك، وأرى جيدًا ذلك الشوك المختبئ بين رياض الورود النائمة على أهدابك، أنا الوحيد الذي اختبرت الألم الذي يصيب كل راجٍ للظفر بنظرة رضا من تلك العيون الجميلة.
وعلى رغم ما سبق أقول: «توقفي عن الهروب إلى اللامكان، وتعالي إلى واحة تنبت وجدًا، وتَعمُر بالمحبة، لنعش بسعادة، ما تبقى لنا من ساعات في هذه الحياة القاسية، فالعمر أقصر من أن نقضيه في التجارب وتضييع الفرص».