"اخرس... إنت مالكش أى حق فى البيت ده........... إنت لقيط – لقيط .. فاهم يعنى إيه لقيط؟"
المشهد الأشهر والأبرز فى تاريخ السينما المصرية حتى الآن وربما لأزمنة قادمة والذى لا يسقط من ذاكرة الجمهور نهائياً مع مرور الأجيال بصفعة عماد حمدى لـ عبد الحليم حافظ فى فيلم "الخطايا"وأصبحت صرخة عماد حمدى الشهيرة فى وجهه "إنت لقيط – لقيط" مستهلكة على مر الأجيال والتى جعلت منها "إيفيه" مضحك بشكل كبير وصارخ أحياناً بعكس حدة المشهد تماماً فاستخدام الكلمات والجُمل الجادة جداً والحادة فى غير موضعها يجعلها هزلية.
"اللقيط" هو من لا يُعرف له أصل فلا أب ولا أم ولا عائلة أو نسب فهو موجود يعيش الحياة بلا هوية وأحياناً بلا قيمة وهو ما ظهر مؤخراً ومنذ سنوات قريبة فى الوسط الفنى والإعلامى من استحداث ألقاب ومهن "لقيطة" لا يحمل صاحبها أى مؤهل لها بل فى كثير من الأحيان تعتبر "تدليس" وتزوير فى مهن رسمية!
أكثر المهن الـ "لقيطة" استفزازاً وانتشاراً فى الفترات الأخيرة هى "المستشار الإعلامى" والتى أصبحت لقباً لكل من هب ودب دون أى مضمون أو محتوى معروف لهذه المهنة .. فقط وبمجرد ملاصقة أحد ممن يمتهنون الصحافة بشكل احترافى أو من خلال مواقع "بير السلم" لأحد الفنانين وغالباً ما يكون مغموراً أو "كسر" وقذف بأخباره هنا وهناك فيصبح فجأة "مستشاراً" وربما هناك من يساعده فى الظهور بأحد البرامج فى فقرة خاطفة أو من يحصل على "ترقية" وينسق افتتاح فيلمه الجديد أو حتى تنسيق مؤتمراً صحفياً لإعلان مشاركته فى أحد المسلسلات والتى يمكن ألا تزيد عن حزمة مشاهد على مدار الحلقات والجديد أن الكثير مما يطلق عليها مؤتمرات ظلماً وعدواناً أصبحت تقام فى "كافيهات" بحضور الأصدقاء ومراسلى المواقع والصحف المجهولة!
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل أصبح هناك من "مستشارى الغفلة" من يستيقظ فيتفتق ذهنه عن إقامة حفل تكريم لوجوه غير معروفة وتوزيع ألقاب بالـ "كيلو" بين نجمة الموضة وسندريلا الدراما وجنتل التمثيل وذلك بجانب "نجمة الإغراء" المحجوز دائماً لكل من توفر من ملابسها .... ولكى يكتمل الهزل تفاجأ بمن يتم تكريمها عن أول مشهد تقدمه فى مسلسل غير معروف لتفتح الـ "خيبة" قوسيها وتحتضن بينهما أصحاب "المهنة اللقيطة" وأفعالهم!
يخلط هؤلاء عمداً بين لقب "مستشار إعلامى" و "منسق إعلامى" فهذا المنسق مهمته محددة ومعروفة ولا خلاف عليها فهو من يقوم بتولى أخبار أحد الشخصيات التى أصبحت عامة فى أى مجال أو تطمح فى ذلك أو مؤسسة ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة ولا مانع من ترتيب لقاءات بها وكذلك التنسيق لمناسبات لضمان وجود تغطيات إعلامية ووجوه معروفة بها وبالتالى وعبر مهام محددة يحمل لقب "منسق أو مسئول إعلامى".
أما أن تكون "مستشار إعلامى" لشخص أو مؤسسة فيجب أن تملك دراية كاملة بكل السوق الإعلامى ... الأعمال الفنية المختلفة وطرق تنفيذها ومستويات جودتها والعيوب الفنية والمونتاج والإنتاج والميزانيات والـ "كروهات" العاملة وأجورها كذلك فهم الـ "سكريبت" وامتلاكك خلفية عن الإخراج غير خطط التسويق والتوزيع وأسعار المواد الإعلامية والإعلانية وأسعار بيعها الحصرى والمقطوع وخطط التسويق وخطط التنفيذ وأسلوب عمل شركات الإنتاج و القنوات وخرائطها وطرق تفكير إداراتها وماذا يناسب من والتوقيتات المناسبة.
أيضاً يجب أن تمتلك رؤية فنية و"دماغ" مبتكرة تستطيع أن تضعك فى خطوات متقدمة عمن حولك وتستطيع وضع أو المساهمة فى خطط الشركات والمؤسسات والأفراد ويتم الرجوع إليك فى المواقف الصعبة والتى تحتاج قراراً مصيرياً وآرائك صائبة الهدف ....... مسئولية كبيرة و "ليلة كبيرة يا عم الحاج" ... فهل يا "مستشار الغفلة" وجدت نفسك بين السطور السابقة؟!
كل ذلك ومع الخبرات المتراكمة وسنوات العمل الطويلة ونجاحات مميزة يرتقى بك لمرحلة جديدة وهى أن تصبح "خبير إعلامى" والذى يجعل من وزنك ذهب وألماس فالخبرة هنا هى العنوان أما المضمون فشرط أساسى لا غنى عنه ولكن منذ 2011 لم يتوقف الأمر عند الانفلات الأمنى وقتها ولكن تحولت الفترة إلى انفلات "ألقابى" فانكسرت ماسورة الخبراء وأغرقتنا متنوعة بين "السياسى والاستراتيجى والأمنى والفنى والإعلامى".
هذا الأخير اكتسب لنفسه مكاناً ووضعاً من "مهنة لقيطة" غير موجودة من الأساس ولكن يتوافر عدد قليل جداً من الأشخاص ممن يحملون مؤهلات خاصة تمنحهم اللقب بعد سنوات تعب طويلة بنت هذه الخبرة إلا أن لقب "خبير إعلامى" أصبح على المشاع لكل من يطمح فى الوجاهة ولا مانع من وجود هالة تحيطه من مجهولى الهوية بين التمثيل والغناء وتقديم البرامج وأصحاب أقلام رصاص صحفية يمرر لهم لقب الـ "خبير" فبدورهم يقدموا له الزفة المطلوبة "الخبير راح .. الخبير جه" والمضحك هزلياً أنها قد تكون المرة الأولى التى يعمل بها فى مجال الإعلام فيبدأ من درجة "خبير" وفى هذه الحالة يتحول بآرائه ورؤاه السديدة من "خبير إعلامى" إلى "خابور إعلامى" فى رأس الإعلام مباشرة ولا عزاء للإعلاميين!
"إنت لقيط - لقيط .. فاهم يعنى إيه لقيط؟" ... هى المواجهة التى يجب أن يقوم بها رؤوس الإعلام وأصحاب الألقاب الحقيقية مع هؤلاء الذين منحوا لأنفسهم ما لا يستحقونه فالسكوت على هذا الوضع الهزلى يمنحه شرعية ويسكن لـ "مهن لقيطة" ليس لها وجود إلا فى أدمغة هؤلاء وهو ما يعتبر غش "مهنى" صريح مكتمل الأركان!
أيها "المستشار والخبير"... كم من الجرائم ترتكب باسمكما!