ما أجمل أن تتجسد كل المعاني الإنسانية والروحانية في رجل جاء إلى العالم ليعرف قيمة الإنسان ويشعر بأوجاع البشر ويداوي قلوبهم ويعطيها الحياة من جديد.. رجل عاش لخدمة البشرية حتى وصل إلى مكانة عظيمة بين الناس ومع ذلك لم يعترف بمجده الشخصي يوماً لأنه لا يؤمن بالفردية ولا بالعمل المنفرد وإنما يؤمن بروح الجماعة والعمل الجماعي الذي يصنع المجد.. رجل لخص الدين بمبادئه وتعاليمه السامية في كلمة واحدة وهي "الإنسانية"، وقرر ألا يعترف بالعلم المرتبط بشخص معين لأنه يؤمن بأن الإنسان يزول ويبقى علمه خالداً بين الناس إلى الأبد.. إنه ملك القلوب سير مجدي يعقوب البروفيسير المصري البريطاني وجراح القلب العالمي الذي لم تختلف عليه الأجيال لأن العالم لم يرى منه إلا حباً وعلماً وإنسانية.
تحيا مصرنا الحبيبة التي أنجبت إبناً مشرفاً كهذا الإبن المصري الأصيل الذي أفادها بعلمه وإنجازاته وقدم لأهل بلاده وخاصة الفقراء منهم خدمات جليلة سطرها التاريخ بحروف من نور.. ليس غريباً على مصر أن تنجب علماء وأدباء وفنانين لكن الغريب أن تنجب عالم فريد من نوعه كهذا الرجل المعجزة الذي تعمق في علومه وإكتشفاته حتى لقب بأسطورة الطب.
منذ عدة أيام كنت أستمع لأغنية إعلان مؤسسة مجدي يعقوب للقلب لعام ٢٠١٦ "ارسم قلب وضحكة على الشبابيك" وأغنية إعلان عام ٢٠١٧ "لما القلب يدق".. والحقيقة أنني شعرت بأحاسيس كل كلمة في هاتين الأغنيتين لأول مرة وشعرت بالإيجابية الموجودة في الكلمات التي تعطينا الأمل في الشفاء وتبث فينا روح الإقبال على الحياة وعدم الاستسلام للمرض والأوجاع، وهذا ما دفعني إلى الحديث عن الدكتور مجدي يعقوب وشعرت أن من واجبنا ككُتاب أن نتحدث عنه، ولو أن مقال واحد لن يكفي للحديث عن إنجازاته وتاريخه العلمي الطويل، لكن يكفيني أن أعطي نبذة صغيرة ومختصرة جداً عن إنجازاته في المجال العلمي.
إنه رجل كرس حياته لخدمة الإنسانية من خلال التعمق في مجال الطب وجراحة القلب، أشرف على أكثر من ١٨ رسالة دكتوراة في جراحة القلب ونشر أكثر من ١٠٠٠ مقال علمي وأنفق الكثير من الوقت والمجهود والمال لمساعدة مرضى القلب.. عاش مشواراً طويلاً في مجال زراعة القلب حتى تمكن من زراعة أول قلب ورئة معاً عام ١٩٨٣.. تمكن من دخول موسوعة جينيس للأرقام العالمية لإجرائه مائة عملية جراحية خلال عام واحد.. حصل على ألقاب عديدة منها لقب "أستاذ جراحة القلب" ولقب "السير" الممنوح من الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا.. أما عن الأوسمة والقلائد التي حصل عليها فلا حصر لهم من بينهم وسام "الفارس" الممنوح له من بريطانيا ووسام الجمهورية الممنوح له من مصر وقلادة النيل العظمى.. إلى جانب إنجازاته في مجال الطب فله الكثير من المؤسسات الخيرية التي تعالج مرضى القلب بالمجان.. سيظل العالم كله يقول عبر الأجيال شكراً سير مجدي يعقوب على ما قدمته للإنسانية.