عندما يتأمل الواحد منا طريق حياته.. كيف سارت به الأيام يجد حِكماً عظيمة.. عندما بدأت حياتى الصحفية كانت أحلامى طبيعية.. العمل فى صحيفة مستقرة.. لكن عند التأمل نجد أن الله عز وجل يرسم لنا طريقاً غير الذى نريد.. فيتحقق قوله صلى الله عليه وسلم فيما معناه: «لو علمتم ما فى الغيب لاخترتم الواقع»
سارت الأيام، لم يغب عنى خلالها غير شىء واحد.. الله عز وجل.. والدعاء الدائم له بالتوفيق.. بدونه لن يكون أى شىء.. هو كل شىء.. لم أعمل فيما حلمت.. إرادة الله واختياره كان الأصوب.. والأجمل.. بدأت عملى فى مكتب الرأى العام الكويتية.. تعلمت هناك الكثير.. وكأنها دورة تدريبية لألتحق بصحيفة «المصرى اليوم».. لبناء مجد صحفى.. مع زملاء كبار.. لم يخطر ببالى أن أعمل فى «المصرى اليوم».. ثمانى سنوات.. عمل متواصل.. جهد جهيد.. فى الثمانى سنوات جرت خلالها مياه كثيرة.. خبرات واحتكاكات.. لا قبل لمثلى بها.
تحملت مسئولية الإسلام السياسى.. أثقل ملف صحفى يتحمله محرر غرّ مثلى.. لكنها إرادة رب كبير.. ثم إدارة تحرير تعرف كيف تختار.. كيف تصنع.. كيف تساند.. كيف توجه.. وكيف تصوب.. منظومة جميلة.. فى «المصرى اليوم» تعرضت لمواقف كثيرة.. مواقف مع السلطة.. مع البشر.. مع الزملاء.. عافانى الله خلالها كثيرا.. قبل أن نهمس بالرحيل من «المصرى اليوم» كانت الفكرة صعبة.. مثل همس اليقظة والأحلام.. لا تدرى حدث أم لا.. لكن ما لبث أن أصبح حقيقة..
رحلت إلى «الوطن».. تلك الصحيفة التى أُشارك فى بنائها قائداً.. كعادتى أحب الأشياء التى أنتمى إليها.. قلبى الآن مع «الوطن».. ليس لأنها صغيرة.. كما سئلت المرأة العربية عن أى أبنائها أحب، فقالت: «الصغير حتى يكبر».. لكن «الوطن» على غير عادة المواليد.. وُلدت كبيرة.. بإذن الله ستبقى كبيرة.. ذهبت إلى «الوطن» بأحلام أكبر من أحلام بناء صحفى.. بأحلام مجموعة تريد أن يكتب الله لها النجاح.. لا تريد شيئاً سوى النجاح.. هكذا تعودنا أن ننظر إلى أنفسنا.. ونتمنى النجاح للآخرين.. الرحيل طبيعة الحياة.. ففى الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «أتانى جبريل، فقال: يا محمد عش ما شئت، فإنك ميت.. وأحبب من شئت، فإنك مفارقه.. واعمل ما شئت، فإنك مجزى به.. واعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل واستغناؤه عن الناس».. هكذا رحلت من «المصرى اليوم» إلى «الوطن».. لكنها ستبقى حاضرة فى الذهن والقلب.. ونسأل الله العظيم أن يوفقنا.. إنه نعم المولى ونعم النصير