محمود عبدالرحمن يكتب: «ابن العمدة»
محمود عبدالرحمن
«محمود.. إنتَ معانا من يوم السبت الجاى، شد حيلك»، هاتفنى الأستاذ محمود مسلم، مدير تحرير جريدة «الوطن» المُزمَع صدورها -وقتها- بعدما «توسط» لى فى الالتحاق بكتيبة صحفيين ذيع أنهم «هيقبضوا بالدولار».
الأمر بالنسبة لى كان مفاجئاً، تفاصيل الحياة من حولى على أعتاب التغيير، بعدما رسخت وهدأت نبضاتها فى جريدة «الوفد» «العظيمة» التى تسلمتنى «عيل»، ووضعتنى على طريق الاحتراف، حتى أتيحت أمامى الفرصة للعب فى «منتخب الوطن».
غرور بعض الصحفيين يعتلى وجوههم فى تلك المؤسسة الجديدة، يظنون أنهم جاءوا من أعلى إلى أعلى، وبعضهم الآخر يتيه فى أركانها، الكل يبحث عن مأربه، عن ضربة البداية، عن موضوع الاعتماد من قبل رؤسائه، فى ظل إعلان التنافسية، كل يجد ويلعب بطريقته، أما أنا، فأيقنت أنى لا مكان لى وسط هؤلاء، لن أنصاع لصراعهم على جلب الخبر أو توثيق الكلمة، «بوهيميتى» الصحفية تدفعنى إلى أن أرتكن إلى الظل، أن أكبّر دماغى، أن أجلس على القهوة «أشيش وأشرب شاى كشرى سكر برة»، وأقول فى قرارة نفسى، هؤلاء أقل منى صحفياً وإنسانياً، فأنا «ابن العمدة اللى مش محتاج»، فقط هى 12 شهراً، مدة إجازتى من «الوفد» بدون مرتب، تنتهى وأعود إلى هؤلاء الطيبين، الذين أحببتهم فآمنوا بعيوبى الكثيرة، إلا أن شيئاً ما كان يختفى فى الأفق، اتصال هاتفى من تاجر مخدرات فى جنوب سيناء، عرفته قبل بضع سنوات: «محمود.. أنا هقطف الكرنب اللى محشى بالهيروين الأسبوع الجاى تعالى صور لو عاوز».
الآن أصبح بإمكانى أن أرفع قامتى وسط هؤلاء المتصارعين، أن أقول لهم إن الكرة الآن فى قدمى وأن الشباك مفتوحة أمامى، فقط أذهب إلى سيناء وأعود بصيدى الثمين.
تساءل الجميع عن اسمى بعد نشر «تهريب الهيروين فى مزارع الكرنب»، مين محمود عبدالرحمن ده؟، فأنظر إليهم من أعلى، من أعلى جداً، من فوق خالص، أخبرهم أننى «العمدة»، تلك الكنية التى كان ينادينى بها تاجر المخدرات «الله يبارك له»، أصبحت تلازمنى أينما ذهبت، الجميع ينادينى بها، وبها أُعرّف نفسى، المصادر تخاطبنى بها، المذيعون والمذيعات لا يعلمون لى اسماً آخر، وحقيقة الأمر، أننى «لا عمدة ولا ابن عمدة ولا عمر العمودية دخلت عيلتنا»، فقط هى كذبة «مرحة»، تختلف عن الأكاذيب الكثيرة التى أبهرتنا فى أضواء «أم الدنيا» ثم عرفنا فيما بعد أنها لا شىء، هدفى كان إضحاك من يخاطبنى، أما هؤلاء فمتيمون بصب لعناتهم على من يتقولون عليه.
«ولو رئيس التحرير مفصلنيش بعد المقال ده، إن شاء الله أكمل لكم الحكاية فى مقال تانى».