شاركت خلال الأيام الماضية فى مؤتمر بعنوان «النوع الاجتماعى والإعلام والدين.. التحديات المعاصرة للمجتمع والديمقراطية» بدعوة من د. أندريه زكى، مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية ومؤسسة «سيجتونا» السويدية، حيث شارك فيه من مصر مجموعة من المفكرين والمثقفين هم: السفير محمد العرابى ود. أسامة العبد، ود. أحمد شوقى ود. نيڤين مسعد وسميرة لوقا.. بالإضافة إلى ما يقرب من 25 مشاركاً ومشاركة من الدول العربية والأوروبية.
تضمنت جلسات اللقاء العديد من الأوراق والكلمات المهمة، التى تعد استمراراً لبرنامج الحوار العربى الأوروبى الذى يتبناه منتدى حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية من أجل تبادل الخبرات وتقديم صورة متنوعة عما يحدث فى مجتمعاتنا، بعيداً عما تصدِّره وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى بسطحية شديدة.
أتوقف هنا عند ورقة د. أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب المصرى، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ورئيس جامعة الأزهر سابقاً، لأهمية ما جاء بها من جانب، ولكونها عُرضت أمام مشاركين متخصصين من دول عديدة من جانب آخر، وقبل ذلك كله لأنها جاءت على لسان رجل أزهرى، ينتمى إلى أهم مؤسسة إسلامية على مستوى العالم، الورقة بعنوان «الدين والمجتمع اليوم» وقد ذكر فيها العديد من الأفكار المهمة، منها العلاقة بين الدين والدولة، حيث يرى أنه ليس بها مشكلة، وأنه يجب أن يتم استخدامها بإيجابية لخدمة المجتمع، وأنه لا يمكن الاستغناء عن الأديان وفى الوقت نفسه لا يمكن التخلف عن مواكبة تطور الحياة، وهو ما يتطلب أن تعمل المؤسسة الدينية لخدمة المجتمع والعمل بوسطية واعتدال دون أى تطرف أو تشدد أو تعصب، وأن الأديان تشكل المكون الأساسى للتراث الإنسانى، وأنه لا يمكن فهم الحضارات ومواقفها إلا بفهم الأديان التى تنتمى إليها، كما أكد أنه يجب ألا نضع العلاقة بين الدين والدولة فى إطار الصراع والمواجهة، بل يجب إيجاد توافق لقيام الدولة المدنية التى تقوم على قيم المواطنة، ولا تعادى الدين، وهو ما يعنى عدم التمييز وإقامة العدل والمساواة وحرية العقيدة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين المصريين، فهم أمام القانون سواء.
أعلم جيداً التحديات التى تواجه أصحاب الاجتهادات الفكرية من الداخل قبل الخارج بعد أن تم إغلاق باب الاجتهاد على أصحاب الآراء الغريبة والشاذة على الثقافة المصرية، ولكن الأمل دائماً فى رجال الفكر الحقيقيين أصحاب المواقف الحقيقية وأصحاب الاجتهادات الفقهية، منهم من الأصدقاء من رحل مثل د. عبدالمعطى بيومى ود. محمود عزب، ومنهم من لا يزال يقدم اجتهاداته القيمة مثل الصديقين د. أسامة العبد ود. أسامة الأزهرى.
نقطة ومن أول السطر:
د. أسامة العبد باحث ومفكر قدير، يغرد خارج سرب التشدد والتعصب والتطرف والطائفية، وهو من داخل المؤسسة الدينية وليس من خارجها.
الاجتهاد والتغيير دائماً ما يأتى من الداخل، ومواقفه أثناء رئاسة جامعة الأزهر خلال مرحلة الإخوان خير دليل على ذلك.