بداية فإن السطور التالية لا تستهدف مجرد انتقاد الحكومة وما تفعله معنا أو فينا، وإن كان من الأصح «ما لم تفعله الحكومة»، التى يبدو أنها قد أدمنت «النوم فى العسل» لتفيق دوماً بعد فوات الأوان وتكتسب لقب «حكومة الفرص الضائعة» أو بالأدق «حكومة نورماندى 2» وفقاً للعبقرى الرائع عبدالفتاح القصرى فى فيلم «ابن حميدو»..!!
إذا كانت سيول الأسبوع قبل الماضى قد دفعت الحكومة إلى تجربة «الغرق» باعتبار أن هذه المرة كانت مجرد «بروفة» فما سيحدث يوم 17 يونيو المقبل ستكون «البروفة الجنرال»، فالمتابع لمحاولات «الحكومة» استثمار أى مناسبات دولية لتحقيق أى مكسب يستطيع بكل سهولة أن يرصد «فشلها» التام أو أنها «احترفت الغرق دوماً».. إذ وفقاً لما كشف عنه مصدر باللجنة الوزارية لإحياء «مسار العائلة المقدسة» التابعة لوزارة السياحة فإنه لم تجر حتى الآن أى عمليات ترميم بالأماكن الدينية والأثرية التى تشملها المرحلة الأولى لذلك «المسار»، على الرغم من أن أولى رحلات الحج ستصل من إيطاليا يوم 17 يونيو المقبل -أى بعد أقل من شهر ونصف من الآن- وتتبعها رحلات عدة من أمريكا لتفيق الحكومة من غيبوبتها ولكن بالتأكيد بعد ضياع هذه الفرصة تماماً..!
الغريب أن الحكومة -ممثلة فى يحيى راشد وزير السياحة السابق- كانت قد اعتمدت فى ديسمبر الماضى نحو 400 مليون جنيه لتجهيز «مواقع المسار» سياحياً لاستقبال الزوار إلا أنه لم يتم صرف أى مبالغ منها حتى الآن وبالتالى لم يتحقق أى إنجاز..!!
الأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء كان قد أصدر قراراً رقم 224 بتاريخ 12 فبراير الماضى، نص فى مادته الثالثة على ضرورة الانتهاء من محور تجهيز المواقع ورفع كفاءتها وترميم الآثار الموجودة بداخلها خلال شهرين من صدور القرار، أى فى أبريل الماضى.. وحتى الآن لم يتم أى شىء كما ولو كان الهدف هو فقط إصدار القرار دون متابعة تنفيذه ليصبح مجرد «حبر على ورق»..!
الأمر تجاوز هذا الحد إلى درجة أن الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة التى جرى تعيينها فى يناير الماضى لم تنتبه حتى الآن إلى هذا الأمر بعد مرور 4 أشهر كاملة على توليها مسئولية الوزارة، كما ولو كان «مسار العائلة المقدسة» تابعاً لـ«وزارة التموين وليست السياحة»، فلم تتحرك على مدى الشهور الماضية لاستكمال الاستعدادات لاستقبال «الحجاج» وبالقطع فإن النتيجة محسومة مقدماً..!
المأساة أن الكنائس والمزارات التابعة لمواقع المسار لم يتم صيانتها منذ عشرات السنين وتفتقد وجود حتى «دورات المياه»، وهو الأمر الذى لا يستحق معه صدور قرارات وزارية، بل إن كل ما يتطلبه هو «الأسطى عيد السباك وصبيه» لإنهاء هذه المسألة.. اللهم إذا كانت وزارة السياحة تعتزم تنظيم مهرجان مصرى تشرك فيه «الخواجات» لإسناد جدران «المبانى وأعمدة الكبارى» برؤوسهم وهم «....» كما يفعل معظم المواطنين نظراً لغياب دورات المياه فى أى مكان أو موقع..!.
الغريب أن وزارة السياحة كانت قد أعلنت فى شهر أكتوبر الماضى عن استعدادها لاستقبال أول رحلة سياحية على طريق «العائلة المقدسة» خلال شهر مايو الحالى، وذلك بعد مباركة بابا الفاتيكان فرانسيس «أيقونة هذه الرحلة» إلى مصر خلال الكلمة التى ألقاها قبل ذلك التاريخ أمام وفد مصرى ترأسه وزير السياحة السابق يحيى راشد، إلا أن الأمر لم يزد عما اعتدناه من الجهات الحكومية التى لا تجد سوى «كله تمام»، وكأنها قد قدمت كل المفروض عليها أن تقدمه أو أن هناك أيادى خفية تعمل على عدم خروج المسار إلى النور..!..!
إعلان «السياحة» عن استعدادها لاستقبال طليعة أفواج مسيحيى أوروبا والعالم -«نحو 2 مليار مسيحى»- جاء ليشعل قلق معظم المواطنين الذين لا تزال ذاكرتهم القريبة تحمل مشاعر سلبية للغاية تجاه ما ارتكبته «الحكومة وأجهزتها» من أخطاء عديدة سواء فى مواجهة «اتهامات لنا» أو استثمار مواقف دولية لصالحنا..!
من ناحية فشل أجهزة الحكومة فى استثمار الأحداث لصالحنا فلعلنا جميعاً نتذكر 3 مناسبات دولية جرت فى العام الماضى: «زيارة ليونيل ميسى ساحر الكرة العالمية» التى أهدرنا استثمارها بسبب تجاوز أحد الأشخاص «زاهى حواس» كل الحدود معه، وربما كان «غروره» بأنه رجل دولة قد هيأ له «تفوقه» على نجم الكرة الدولى، ولم يشفع له اعتذاره عن هذا التجاوز.. أما المناسبة الثانية التى أهدرتها البيروقراطية «العنكبوتية» فهى «زيارة نجم السينما الأمريكية العالمى ويل سميث» فى شهر مارس 2017..!
ولأن سوابق تجاربنا مع الحكومة وأجهزتها المختلفة تدفعنا إلى الشك فى قدرة الحكومة على الإنجاز فقد فشلنا فشلاً ذريعاً فى استثمار زيارة بابا الفاتيكان التى جرت فى العام الماضى، وأهدرنا فرصة اعتبارها بداية لانفتاح سياحى غير محدود إذا كانت وزارة السياحة وهيئة تنشيطها قد أحسنت استثمار هذه المناسبة التى لم ولن تستطيع أى منهما تحقيقه حتى ولو أنفقتا ملايين الدولارات لتسويق المنتج السياحى المصرى، وبخاصة السياحة الدينية، إذ تجاهلت «الوزارة» استغلال صورة قداسته وهو يرقب من شرفة سفارة الفاتيكان -التى اتخذها مقراً لإقامته- شريان الحياة فى مصر «نهر النيل» فى تصميم منشور عالمى للسياحة فى مصر، والخوف أن تكون هذه الصورة قد وضعت «مفرشاً» تحت أطباق الفول والباذنجان لزوم «إفطار موظفى السياحة وهيئة تنشيطها»..!
لم يعد أمامنا «ترف» إضاعة الوقت، والأمر يستوجب إسناد تهيئة مواقع «المسار» إلى الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، فإحساس أبطالها بالمسئولية والانضباط والالتزام كاف تماماً لإنجاز هذه المهمة فى الوقت المناسب، بعيداً عن «حكومة نورماندى 2»، ولتبق كما هى غارقة فى «قاع المسئولية» ولا عزاء للسياحة..!