"الصاغ الأحمر" و"التجمع".. حكاية 27 عاما معارك خاضها خالد محيي الدين
خالد محي الدين
الباب الوطني.. هو مدخله إلى عالم السياسة، على حد قوله، لذلك اتخذ على عاتقه مهمة تأسيس أحد أهم الأركان التي تحتاج إليها البلاد، وهي الديمقراطية فُعرف بكونه "فارسها"، بعد إنهاء العصر الملكي، حيث كان من بين صفوف الضباط الأحرار الذين ساعدوا في نقل مصر إلى العهد الجمهوري، لذلك سرعان ما انتهز فرصة حل الاتحاد الاشتراكي العربي، لتأسيس أول حزب يساري، وهو "التجمع الوطني التقدمي الوحدوي".
خالد محيي الدين.. اسم لامع في سماء السياسة المصرية والعربية، حيث كان أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة 1952، بينما كان يحمل رتبة "صاغ"، ولشدة إيمانه بالفكر اليساري الاشتراكي، وصفه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بـ"الصاغ الأحمر"، كما كلفه بالتفاوض مع دول شرق آسيا الاشتراكية، وساهم خلالها في توطيد علاقة مصر بالمعسكر الاشتراكي.
ظل "الصاغ الأحمر" متمسكًا بفكره الاشتراكي بشدة، وهو ما دفعه إلى تأسيس حزب التجمع، اليساري، بعد قرار الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، بحل الاتحاد الاشتراكي العربي، وإعلانه عن تأسيس المنابر الثلاثة عام 1976، حيث جرى تأسيس الحزب بقرار من لجنة الأحزاب في 7 يوليو 1977، حيث تأسس الحزب على كاهل مجموعة من أصحاب التوجهات اليسارية، ويتسم بأنه تنظيم جماهيري يتسع لكل التيارات والقوى الوطنية والتقدميين والوحدويين التي تعمل من أجل تحقيق الحرية والاشتراكية والوحدة وتقبل العمل في إطار التجمع ملتزمة بلائحته الأساسية وبرنامجه السياسي باعتباره البرنامج الموحد للنضال المشترك لكل فصائل اليسار"، ويعتبر الحزب نفسه المعبر الحقيقي عن أهداف ثورة 1952، وفقًا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات.
أسسه على عدة مبادئ، أبرزها الدعوة إلى الوقوف ضد محاولات الردة عن المكتسبات الاجتماعية للعمال والفقراء ومتوسطي الدخل والفلاحين، ويدافع عن القطاع العام في العملية الاقتصادية والدور الاجتماعي للدولة، والعمل على تحقيق إرادة الشعب عبر انتخابات نزيهة والمطالبة بإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية يخضع العملية الانتخابية لإشراف قضائي ومنها أيضا إطلاق حرية تشكيل الأحزاب ومنها أيضا المواجهة الشاملة للإرهاب وحماية الوحدة الوطنية، واتخاذ سياسات معينة لتنمية قوى الإنتاج المادي وتحسين القوة التنافسية للاقتصاد المصري، وطرح سياسات لتحديث الدولة وتمكينها من قيادة التنمية في إطار تعدد أشكال الملكية وتوظيفها للسوق في إطار التخطيط الشامل والنضال من أجل تطوير أجهزة الدولة، وتوثيق التعاون العربي واستكمال تحرير الأرض العربية والسير قدمًا لتحقيق تنمية عربية متكاملة.
فور تأسيس الحزب، خاض الحاصل على جائزة لينين للسلام، عدة معارك سياسية، والتي بدأت في العام الأول لـ"التجمع"، بمنافسته بأول انتخابات تشريعية في ظل التعددية الحزبية، ليحصد 3 مقاعد برلمانية، ذهب أحدها لمؤسسه، كما أنضم لهم لاحقا أبو العز الحريري، ولكن تم حلّ البرلمان، واعتقال العديد من أعضائه بسبب الجدال الضخم حول اتفاقية "كامب ديفيد"، وسياسات السادات الاقتصادية التي تبناها وما سميت حينها بسياسات الانفتاح الاقتصادي، وأطلق الاشتراكيون على هذه السياسات جمله "الانفتاح سداح مداح".
وفي أثناء ذلك، تشكلت مبادرة من "محيي الدين"، وهي لجنة الدفاع عن الحريات في حزب التجمع، لكي تتولى الدفاع القانوني والرعاية لكل مسجوني الرأي بصرف النظر عن عضويتهم أم عدم عضويتهم بالحزب، وهي التميمة التي قادت اللجنة بها عملها في حملة سبتمبر الشهير عام 1981، وفقا لجريدة "الأهالي" في تقريرها "برلمان 2000 ينتظر خالد محيي الدين"، مؤكدة أنه على مدار رحلة "التجمع" ناضل الحاصل على قلادة النيل عام 2013، من أجل رفعة البلاد وترسيخ مبادئ الحزب، وانشغل بالسياسة وانصرف عن الحكم، من أجل الخدمة العامة التي اتخذ منها وسيلة للدفاع عن قضية العدل الاجتماعي والحرية والمساواة، طوال 27 عامًا، ترأس فيهم الحزب، قبل أن يصبح زعيم التجمع، والأب الروحي له مدى الحياة في ديسمبر 2003.
وفي انتخابات 1984، التي شهدت لأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية في مصر نظام القائمة النسبية المشروطة، لم يستطع الحزب تحقيق شرط الحصول علي نسبة 8% من مجموع أصوات الناخبين، وحصل على 400 ألف صوت فقط بنسبة 8.4% فقط، وبالتالي لم تتح له الفرصة الحصول على أي من المقاعد البرلمانية، ولكن تم حل البرلمان لاحقًا بقرار من المحكمة الدستورية العليا.
كما قرر محيي الدين قيادة الحزب في انتخابات 1990، رغم تأثر "التجمع" بانهيار الاتحاد السوفيتي، ليخوض معركة ضخمة مع أعضائه، حيث كان يرى البعض مقاطعة الانتخابات في ذلك الوقت، إلا أن التجمع تمكن من حصد 5 مقاعد برلمانية، فيما قاد "الصاغ الأحمر" المعارضة في مجلس الشعب ببرلمان عام 2000.