«خوى العرب» قرية بلا حياة بسبب تبعيتها لـ«الآثار»
«خوى العرب» تعانى الإهمال
فوق أرض تعود ملكيتها إلى هيئة الآثار، تراصت عشرات البيوت المبنية من الطين بجوار بعضها البعض، لا يتعدى ارتفاعها الطابق الواحد، مسقوفة جميعها بـ«البوص والخشب وجريد النخل»، بعض هذه البيوت استقر عليها سقفها البالى، فيما تدلت أسقف بيوت أخرى على من فيها، وعلى اليمين واليسار منها كانت هناك هضبتان كبيرتان فصلتا سكان هذه المنطقة عن غيرهم من القرى المجاورة لها فى مركز الوقف بمحافظة قنا، لتزيد من عزلة أهل نجع «خوى العرب» الذين يعيشون هناك منذ عقود طويلة.
فى مدخل النجع، تظهر معالم المعاناة التى يعيشها السكان فى الداخل، حيث ماسورة المياه وكابل الكهرباء الممدودان بعشوائية فوق الأرض، وآثار الزمن التى تركت بصماتها على جدران المنازل المتآكلة، ووجوه قاطنيها التى لم ترحمها شمس النهار الحارقة.
داخل أحد المنازل، جلس الستينى، أحمد محمود، بين مجموعة أخرى من سكان النجع، فى مشهد تكرر كثيراً دون فائدة، حسب قوله، يحكى لنا عن معاناتهم منذ أن وُجدت هذه المنطقة أيام أجداده، حيث لا سبيل للحياة، ولا أمل فى تبديل حال لم يعد لهم طاقة على تحمله، وهو ما عبر عنه قائلاً: «القرية معدومة، مفيش أى مرافق، وكل الدنيا جت واتكلمت وبرضو مفيش حاجة حصلت، ولا واحد شاف الكلام اللى اتنشر وجه يحل لنا مشكلتنا».
أزمة «خوى العرب» ترجع، حسب قول أهالى النجع، إلى ملكية الأراضى التى يعيشون عليها ومن حولهم إلى الآثار، وهو ما يجعلهم غير قادرين على بناء بيوتهم، فضلاً عن رفض الجهات الأخرى توصيل المرافق والخدمات الأساسية لهم، ومع كثرة الشكاوى التى تقدم بها الأهالى قامت إحدى الجمعيات الخيرية بالتوسط وتوصيل ماسورة مياه وكابل كهرباء بشكل عشوائى، إلا أن الأزمة لم تحل أيضاً وفق قول «أحمد» الذى أضاف قائلاً: «بيدفعونا فى الشهر 300 جنيه كهربا بس وإحنا كل اللى عندنا لمبة أو لمبتين وده ظلم ربنا ميرضاش بيه».
أطراف الحديث التقطها حسين رمضان، صاحب الـ26 عاماً، وأحد أهالى النجع، ليقول بنبرة غاضبة: «إحنا حالنا هنا موقوف، لا حد عارف يبنى ولا يوصل كهربا ولا ميّه، وبقينا عايشين فى مغارات»، حال أغضب الشاب الثلاثينى الذى كان أكثر حدة فى الكلام عن غيره، فهو لا يرى مبرراً للمعاناة التى يعيش فيها منذ أن ولد: «لو متحججين بالأرض اللى تابعة للآثار ييجوا ياخدوها ويدونا كل واحد مطرح قد مطرحه ومش عايزين أكتر من كده ولا معترضين»، شكاوى كثيرة تقدم بها «حسين» مع أهالى النجع للجهات المعنية بالأمر، إلا أنها جميعاً أيضاً لم تأت بنتيجة، على حد قوله.
لم يخف عن «حسين» تلك الأخبار المتداولة عن إنشاء مدن سكنية جديدة فى كافة أنحاء الجمهورية، بما فيها محافظته قنا، إلا أنه لم يجد لها سبيلاً ولم يعرف كيف له أن يحصل هو وأهل النجع على وحدات سكنية فى هذه المدن، حسب قوله، ولكن كل ما يقال له إن هذه المنطقة التى يعيش فيها أثرية ولا يحق له أو لغيره تعديل أى شىء فى وضعها الحالى: «حتى البيت اللى بيقع ماينفعش نبنى عليه تانى، وكل شوية يقولوا لنا انتو هتتنقلوا المكان الفلانى وفى الآخر مفيش حاجة بتحصل».
من جانبه، قال أيمن هندى، مدير آثار محافظة قنا، إنه سيوجّه بتشكيل لجنة من هيئة الآثار لبحث هذه المشكلة، والتواصل مع أهالى نجع «خوى العرب» من خلال مجلس مدينة الوقف وإجراء نقاشات معهم، للوقوف على الأسباب الحقيقية للأزمة والوصول إلى حل نهائى لها خلال الأيام المقبلة.
لمشاهدة الصور اضغط هنا