ضحايا المهنة: «اللى بيتصاب بيطردوه بره.. واللى بيقع ماحدش بيسمى عليه»
إبراهيم مرعى أثناء حديثه لـ«الوطن»
أوضاع صعبة يعيشها العمال، فى قلعة صناعة الرخام والجرانيت فى مصر، بمنطقة شق الثعبان، التى تقع فى طره المعادى، وهنا الصغار قبل الكبار، يعانون من الإهمال، هنا الصبى والعجوز يعملان، يداً بيد، وذلك سعياً وراء لقمة العيش، حتى جاء قرار التقنين وفتح لهم نافذة أمل جديدة نحو حياة أفضل.
يقول دياب سعد، 21 سنة، من بنى سويف، إنه كان يعمل بأحد المصانع قبل إصابته التى على أثرها ترك العمل: «أنا كنت شغال فى مصنع فى الجبل وأنا بانزّل شرايح الرخام، وباحطها على الجمل الحديد، وده مكان مخصص للرخام بيتجمع كل الرخام، ويتحط عليه علشان يبقى سهل يتنقل من مكان لمكان، وبعد ما حطيت آخر شريحة، كل طرد الرخام ريح على مشط رجلى، نقلونى المستشفى، وهناك عرفت إنى لازم أعمل عملية فى رجلى ولازم أركب شرايح ومسامير، عملت العملية وركبت الشرايح والمسامير، وكنت فاكر إن الموضوع هينتهى لحد كده، وأقدر أنزل الشغل تانى وأمشى زى الأول، لكن بعد ما عملت العملية، الدكتور كتب لى راحة 5 شهور، بشرط إنى أمشى على عكاز وماحملش عليها، وفعلاً وقتها كنت بمشى على عكاز، وماكنتش باقدر أقف، وطول الفترة دى كنت قاعد فى البيت، مابشوفش الشارع».
«دياب»: «صاحب المصنع رمانى فى النضافة بعد ما ركبت مسامير بسبب طرد رخام وقع على رجلى وفى الآخر مشيت»
ويكمل «سعد»، قائلاً: «صاحب المصنع صرف لى شهرين، وبعدها المدير كلمنى وقال لى لازم تنزل المصنع لأن كده كتير، وصاحب المصنع زعلان، فقلت له بس أنا مش قادر أمشى حتى، والدكتور قال لى ماتتحركش قبل 5 شهور فقال لى: لا لازم تنزل، وطبعاً أنا محتاج كل قرش، فنزلت لكن ماكنتش قادر أشيل أى حاجة تقيلة، لأنى كنت لسه بامشى بعكاز، المهم نزّلوا واحد مكانى، فأنا حاولت أفضل فى المصنع، لكن صاحب المصنع بعد ما لاقانى مش قادر أشيل رخام، قال لى طيب أنا هنزلك فى المعرض، ورمونى فى النضافة، وأنا لأنى محتاج فقبلت بالشغلة المهينة دى، مش علشان هى عيب، لا طبعاً الشغل مافيهوش عيب، لكن علشان أنا كنت صنايعى رخام، فكان صعب عليا زمايلى الصنايعية يشوفونى بنضف، لكن بعد فترة حسيت إنهم حطونى فى النضافة علشان أفهم، وأسيب الشغل خصوصاً إن النضافة بالنسبة ليا كانت مهينة أوى». ويضيف الشاب العشرينى: «طول فترة العلاج وأنا بصرف من معاش أبويا وظروفى صعبة وبعد ما سِبت المصنع، دلوقتى بدور على شغل تانى ما يكونش فيه شيل وحط»، ويضيف: «نفسى يبقى فيه اهتمام بينا شوية كعمال باليومية إحنا تعبنا وماحدش بيرحم».
ويقول محمد على، 55 سنة، عامل: «الأوضاع وحشة هنا وشغلنا متعب وخطير، قرار التقنين مفيد أوى لينا لأنى لما تعبت قبل كده فضلت قاعد سنة من غير شغل، وماحدش سأل فيا، أتمنى يبقى فيه اهتمام بينا ويبقى لينا معاش لأنى مابقاش فيا صحة أستحمل الشغل، وعايز لما أقعد ألاقى معاش أقدر أعيش بيه مش 200 أو 300 جنيه، بصراحة ربنا الواحد لما بيقع مابيلاقيش حد يقف معاه، ونفسى بلدنا هى اللى تقف معانا وتبقى رحيمة بينا، لأنها أكيد أحن من أصحاب المصانع علينا».
يقول عمرو صلاح، 36 سنة، من المنيا: «مالقتش شغل فى الصعيد فجيت شق الثعبان علشان أشتغل، وآكل عيش وأصرف على أهلى، وفعلاً وقت ما جيت من أربع سنين الشغل كان تمام وموجود، والفلوس كانت حلوة وكنت مبسوط ومش شاغل بالى بالتأمينات بقى، وهاشغل بالى بيها ليه، ما دمت شغال والدنيا تمام معايا، فأكيد موضوع التأمين ده مش هيبقى مهم أوى بالنسبة لى».
ويضيف: «بعد 4 سنين شغل فى تقطيع الرخام جالى حساسية على صدرى، بسبب التراب بتاع صخور الرخام، فكنت بكح وأحس بخنقة وضيق فى نفسى لما أشتغل بالمنشار، قلت لنفسى وإيه المشكلة عادى يعنى أكيد مش حاجة خطيرة، ولما الموضوع زاد والكحة بدأت تبقى بشكل مستمر، قررت أروح للدكتور فرحت كشفت طبعاً على حسابى الخاص، صاحب الشغل مالوش علاقة يعنى، فالدكتور قال لى أبعد عن أى مكان فيه تراب، فطبعاً سِبت الشغل وبادوّر على شغل تانى ومش لاقى، ولأنى ماعرفش أشتغل أى حاجة تانية غير المعمار، فأنا قررت أدور على شغل فى المعمار برضو، فى البناء أو المحارة لأن الشغل ده مابيكنش فيه تراب زى مابيكون فى شغل منشار الرخام، رغم إن الدكتور حذرنى لكن هعمل إيه يعنى هعيش إزاى وأعيش أهلى وعيالى منين، أتمنى إن العمالة المؤقتة بشكل عام، وعمال الشق بشكل خاص، يكون ليهم رعاية خاصة بيهم وتأمينات، والله إحنا نستاهل الاهتمام لأننا بنتعب بجد وبنشتغل شغل ناس كتير بتهرب منه».
«سعد»: «نزلونى الشغل بالعكاز.. والمدير كلمنى وقال لى لازم تنزل المصنع لأن غيابك بسبب الإصابة كتير.. ولأنى محتاج كل قرش نزلت»
ويقول إبراهيم مرعى، 57 سنة، من محافظة سوهاج: «نفسى يهتموا بينا شوية وبصحتنا، مفيش رعاية صحية لينا واللى بيقع محدش بيسمى عليه، من سنتين تقريباً كانت إيدى مكسورة، كنت بقطع بالمنشار، ووقع عليا لوح رخام بعد ما قطعته نصفين، جريت على المستشفى، وبعد الأشعة الدكتور قال لى ده انفصال وشرخ فى الجزء السفلى من الذراع، وجبسها لى وكتب لى على حقن مسكن، ومضاد حيوى، وكل المصاريف الخاصة بالعلاج كانت على حسابى، وفضلت 3 شهور أصرف من جيبى، وطبعاً صاحب الشغل كان ودن من طين وودن من عجين، ماسألش حتى عنى، وكان دايماً يكلمنى يقول لى هتنزل الشغل إمتى، فى الفترة دى أنا صرفت 2000 جنيه تقريباً علاج على دراعى، وبعد ما خفيت رجعت الشغل من تانى، ما هو أنا هعمل إيه يعنى، ماعرفش أشتغل حاجة تانية غير شغلى فى الرخام والجرانيت، نفسى بجد المنطقة دى تتطور لأن فعلاً الشق ده مكان يستاهل يبقى قلعة صناعية».
ويضيف: «قرار التقنين حاجة فرحتنى جداً، وأتمنى يبقى فيه اهتمام بالمرافق والطريق يطوروه، لأن كل فترة يحصل حادثة عليه، أما التأمين والعلاج فأنا نفسى يبقى لينا مستشفى خاصة بينا هنا، على الأقل اللى يتعور أو يحصل له حاجة يروح يتعالج بسرعة بدل ما نروح مستشفى بعيدة عن المكان، وده مش طبيعى لأن ده مكان صناعى فيه عمال ومن الوارد فعلاً إن يحصل إصابات بشكل مستمر، أتمنى يكون لكل عامل تأمين، على الأقل نبقى مطمنين على حياتنا وأسرنا بعد ما نقعد من غير شغل أو نوصل لسن المعاش».