جلسة المشاركة السياسية كانت من أهم جلسات المؤتمر الوطنى الخامس للشباب، الذى عقد الخميس الماضى تحت رعاية وحضور رئيس الجمهورية، لأنها أعطت رسائل هامة جداً، منها أن الرئيس لا يكره المعارضة كما يدعى البعض وتخصيص جلسة لهذا الموضوع يؤكد أن المرحلة المقبلة سوف تشهد المزيد من حرية التعبير والرأى الآخر ومساحة أكبر للمعارضة البناءة، قد تكون الظروف التى شهدتها مصر الأعوام الماضية، والتى كادت تعصف بها لولا يقظة شعبها وقوة جيشها وشرطتها وقيادتها الوطنية، تلك الظروف كانت تتطلب الاصطفاف الوطنى خلال فترة الحكم الأولى للرئيس السيسى وأن يكون الجميع على قلب رجل واحد، الشعب والحكومة والبرلمان والأحزاب والإعلام، خلف القيادة بهدف تثبيت أركان الدولة، وبعد أن تحقق ذلك فمن المتوقع خلال الفترة الثانية الانتقال من مرحلة تثبيت الدولة إلى انطلاقها لجنى ثمار الإصلاح والاستقرار بمشاركة الجميع وما حدث فى مؤتمر الشباب مؤشر على ذلك.
الرئيس السيسى أكد أهمية المعارضة وقال نصاً «إنهم جزء منا ونحن نحتاجهم معنا وأن المعارضة أمانة وأى حد عنده حل لتحديات مصر ييجى جنبى وأنا أقوله اللى تخلصه أصقف لك عليه وأخلى المصريين يصقفوا لك»، المعارضة مهمة وليست خيانة طالما أنها بناءة ولا تهدد وحدة مصر وأمنها القومى، قد نختلف مع بعض ولا نختلف على بلدنا، كما أن المعارضة الوطنية تكون من الداخل بالنصح والإرشاد والوقوف خلف جيشنا وشرطتنا فى حربهم الشريفة لحماية البلد وتطهيره من الإرهاب، أما المعارضة الخارجية فهى خيانة لأنها تسعى لهدم أركان الدولة وليس لإسقاط نظام سياسى، المعارضة مهمة للمسئول قبل المواطن فحينما يعلم بأنه مراقب من الأحزاب والبرلمان والإعلام فإن أداءه يختلف لأن قراراته تحت الأضواء والتقييم، الاختلاف هو سنة الله فى الأرض «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، والدول العظمى تقدمت بعد أن غرست فى نفوس أطفالها ثقافة الاختلاف والتسامح وتقبل الآخر وأى محاولات عندنا لإصلاح التعليم يجب أن يكون هدفها بناء شخصية ذى عقلية نقدية مبدعة، المسئول الناجح هو من يسمع من معارضيه قبل مؤيديه ويتقبل النقد طالما كان بناء، فلا توجد دولة تسير كلها فى اتجاه واحد وبرأى ولون واحد، وهنا أتذكر واقعة معبرة عن صديقى الراحل د. وجدى زيد، المستشار الثقافى المصرى السابق فى تركيا وأمريكا، حينما تم اختياره مديراً لمركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة وكان المركز يحقق خسائر فادحة قام باختيار معظم معاونيه من المعارضين له، وحينما سألته عن السبب أجاب أنهم لن ينافقوه وسوف يرشدونه إلى الطريق الصحيح إذا حاول الانحراف واستطاع فى شهور تحويل الخسائر إلى مكاسب، الرئيس رمى بالكرة فى ملعب المعارضة وعليهم انتهاز الفرصة والاندماج فى الحياة العامة وتقديم حلول واقعية لمشاكلنا والانتقال من الأقوال إلى الأفعال، وعلى رؤساء الأحزاب التنازل عن مصالحهم الشخصية والاندماج فى حزبين أو ثلاثة فقط وتشكيل حكومة ظل وعقد مؤتمرات لبحث هموم الوطن والمواطن، أتوقع وأتمنى مزيداً من لقاءات للرئيس مع رموز المعارضة يتحاورون من أجلنا ويشاركون فى إدارة البلاد حتى لو بالنصيحة المخلصة.. وتحيا مصر.