لم يعد معروفاً على وجه الدقة ما السياسة التعليمية فى مصر؟، ويبدو أن القائمين على الأمر قرروا إعمال منهج التجربة والخطأ، بدلاً من إعلان تصور متكامل للأمر.
قبل أسبوعين تقريباً، وجّه ولى أمر سؤالاً إلى وزير التعليم الدكتور طارق شوقى، عن نظام وقواعد القبول فى المرحلة الثانوية وفى الجامعات، وجاء رد الوزير مفاجئاً، حيث أكد أن أول دفعة ستلحق بالثانوى فى النظام الجديد عام 2027 ونظيرتها فى الجامعة عام 2030، مضيفاً: ما زال أمامنا وقت لندرس الأمر فى ضوء التجربة.
بعد أيام قليلة، أعلن وزير التعليم العالى د. خالد عبدالغفار أن نظام تنسيق الجامعات ثابت خلال العامين المقبلين، وهو حديث مثير فى ضوء ما سبق وأعلنه وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، إذ إن تصريح د. عبدالغفار يشير إلى إدخال تعديلات بعد سنتين، وتحديداً بعد أن تصل دفعة أولى ثانوى الجديدة إلى الصف الثالث، فالتغيير سيتم دون انتظار بلوغ طلبة أولى ابتدائى مرحلة الثانوى، كما قال د. طارق.
البادى أننا لا نملك رؤية متكاملة لتطوير التعليم، ويبدو أن هناك ملامح ما اكتملت فى بعض الجوانب، وما زالت فى البعض الآخر غير مكتملة، والفكرة ليست تحليلاً شخصياً للموقف، إنما هى من التصريحات الغريبة والمثيرة التى نتابعها من كل الأطراف.
لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب أعلنت مرات عدة أنها لم تتلقَ أى مكاتبات رسمية أو رؤى صادرة عن الحكومة بخصوص ملف تطوير التعليم، والدكتور طارق شارك فى اجتماع شهد مشادة بخصوص تدريب وتأهيل المعلمين، وانتهى الأمر، وتم إغلاق الملف، ولم نسمع عن حوارات ومناقشات أخرى.
الحاصل إذاً أننا أمام حالة غريبة من نوعها، يتم فيها إدخال تعديلات جذرية على مناهج وطرق التعليم دون جدل وحوار واسع، على الأقل مع المؤسسة الشعبية الرقابية الأولى على أعمال الحكومة، وأعنى هنا مجلس النواب.
ما معنى ذلك؟ هذا معناه أن الحكومة قررت اعتبار نفسها الجهة الوحيدة صاحبة الحق فى أن ترسم وتُحدد وتُقرر ما سيكون عليه النظام التعليمى فى المستقبل، وهو أمر خطير للغاية، لأننا أمام تصور سيُحدد مصير أمة لحقب وعهود.
بالقطع وبالتأكيد هناك جوانب إيجابية ومن الممكن جداً وجود جوانب سلبية وقيمة الحوار إبراز الجانبين، أما إسدال الستار والتعامل مع الأمر باعتباره سراً كونياً وحقاً لا يجوز فيه المنازعة فإن ذلك يمثل خطراً ربما لا يمكن تدارك بعضه مستقبلاً، ولا نعرف من سنحاسب وكيف سنحاسب فى المستقبل؟