أياً كانت نتيجة التحقيقات فى قضية وزارة التموين، فإن التحية واجبة لهيئة الرقابة الإدارية التى هى ذراع النظام السياسى فى محاربة الفساد والضرب عليه بيد من حديد، وأجتهد فأقول إنه بات واضحاً أن محاربة الفساد وعدم التصالح معه باتت إحدى الركائز الأساسية لشرعية الرئيس عبدالفتاح السيسى، أما الركيزة الثانية فهى الحرب التى يخوضها ضد الإرهاب والتطرف الفكرى، الذى أوشك قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن يبتلع هذا البلد.
وأجتهد وأقول إن الفساد هو عدو أشد ضراوة وأكثر خبثاً ومكراً من الإرهاب، ذلك أن الفساد هو عدو يربض داخل أسوار المدينة وليس خارجها، بمعنى أننا نعرف أن الإرهاب عدو واضح وظاهر وعنيف ونواجهه بما يلزم.. بينما الفساد هو الطابور الخامس الذى ينتظر خلف أسوار المدينة فى انتظار تقدم الأعداء.
إن أخطر ما فى الفساد أنه عبارة عن شبكة كبيرة من المصالح، يختلف أعضاؤها فى كل شىء، لكنهم يتفقون فى أنهم فاسدون.. وهم يؤازرون بعضهم البعض.. ويتفاهمون بلغة الإشارة.. إن الفاسد الذى يسرق التمويل الأجنبى المخصص لمشاريع أهلية.. هو صديق لذلك الفاسد الذى يرتشى ليرسى مناقصة على شركة بعينها.. وكلاهما صديق للإعلامى الفاسد الذى يقلب الحقائق ويوجه الرأى العام.. ليس لمصلحة الدولة أو الحكومة كما يتظاهر.. ولكن لمصلحة من يدفع له.. سواء كان من يدفع أميراً أو غفيراً أو رجل أعمال، أو شركة عابرة للقارات، وهكذا ورغم تباين تخصصات هؤلاء ونماذجهم المختلفة فإن ما يجمعهم شىء كبير هو الزمالة فى الفساد.
إننا لا بد أن نعترف أن الفساد كان أحد طرق إدارة النخبة المصرية طوال العشرين عاماً الأخيرة من حكم الرئيس مبارك، بل إن البعض قد اجتهد وقال إن الفساد كان أحد شروط الانضمام للنخبة فى سنوات «مبارك» الأخيرة.. وهو ما تتم محاربته حالياً وعلى أعلى مستوى ممكن، ولعلنا جميعاً نلاحظ أن البعد عن شبهات الفساد صار أحد المعايير المهمة لتولى المناصب العامة فى مصر مع الاعتراف بوجود ترسبات واختراقات باقية من العصر الماضى.. إننى أعتبر أن حرب الرئيس السيسى ضد الفساد هى حرب لا تقل أهمية وضراوة عن حربه ضد الإرهاب.. وأدعو الله أن ينجى مصر من تآمر حزب الفاسدين الذى لا يقل عداء لهذا البلد عن تنظيم الإرهابيين، وكلاهما شر.