أعزائى المفاجيع
تحية طيبة وبعد:
تسمين العجول طبعا زى ما كلنا عارفين بياخد وقت ومجهود، واللى بيربيها بيحاول دايما يوفر لها كل العوامل المريحة، علشان تسمن وتربرب على حق، بيحاول يدور لها على أفضل أنواع الأعلاف وبيهتم بحالتها النفسية اهتمام رهيب، أما موضوع الأكل والشرب ده بقى أهم ما فى الحكاية، ده يا حبة عينى بيصحى من عز نومه يحط له "العلف" بشكل منتظم وبيجى على حساب راحته دايما علشان خاطره، لأن العجل من دول مش هيبقى له قيمة غير لما يكون سمين كده ومالى مركزه، ما هو كله الإ العجل، أصل فى الأول وفى الآخر هيبيعه أو هيدبحه.
ودى كانت نفس الطريقة اللى اتبعها "المعلم أيوب" و"الست نبوية" مراته فى تربية ولادهم، أصله ولا مؤاخذة بيشتغل جزار، كان كل همه "يعلفهم"، أقصد يغذيهم، ما هو ده مفهومه عن التربية.
التربية بتساوى الأكل والشرب وده كان قاموس المعلم أيوب فى تربية ولاده أمل وكريم، وكان المثل الشعبى القريب لقلبه "ساعة البطون تتوه العقول"، والصراحة تتقال هو عمره ما فكر يشغل عقله ولو شوية صغيرين فى تربية أولاده، ما هو عقله دايما تايه، وطالما العيال نايمين واكلين وشاربين وبطونهم مليانة يبقوا كده بيتربوا صح.
كان يوم ما طلعتلوش شمس لما الست نبوية سمعت أمل بنتها اللى يا دوب لسه مخلصة الإعدادية، بتكلم صاحبتها فى التليفون وبتقولها إن "أقرب الناس ليا مايعرفوش أنا بمر بإيه دلوقتى، مايعرفوش حاجة أساسا والله، الدم جرى فى عروق الست نبوية وجريت على جوزها وقالت له إلحق يا معلم، أمل بنتك شكلها عاملة مصيبة، سمعتها بتقول لصاحبتها "محدش حاسس بيا" وكلام كتير يقلق قوى، الحقنا يا خويا قوم اسألها لتكون وقَعت نفسها فى مصيبة.
مصيبه إيه اللى هتكون "بنتك" وقعت نفسها فيها يا ست الكل، كل الحكاية إن بنتك بتمر بشوية تغيرات هي مش فاهماها، طفلة داخلة على مرحلة المراهقة وبيدور جوة دماغها أسئلة كثير عاوزة لها إجابة، بس هى للأسف متعودتش تتكلم معاكى ولا إنتى اتعودتى تقربى منها وتفتحى معاها كلام.
التربية كانت بالنسبة لك إنتى وجوزك صينية فتة طاجن عكاوى، شوية لحمة محمرة وبعدها تحبسوا كلكم بالشاى أبو نعناع، ده كل اللى شاغل تفكيركم تجاه ولادكم "الأكل والشرب" بس.
بس اللى إنتوا ماتعرفهوش إن التربية عبارة عن نفسية بتتكون، ده إنت يا معلم أيوب بيهتم بنفسية العجول أكثر من نفسية ولادك، بتغازل لها أكثر ما بتغازل أم عيالك.
كتير من الناس اللى بيربوا بتيضايقوا قوى من ولادهم لما يشتكوا لهم من عدم الراحة، الرد المباشر على الشكوى دى بيكون "إنتوا ناقصكم إيه ،مش بتاكلوا وبتشربوا"، لأ.. هم بصراحة ناقصهم حاجات كتير، ناقصهم يتكلموا يسألوا يشتكوا يفضفضوا، أصلهم مش تماثيل دول عقول بتتكون، نفسيات بتتصارع عاوزة حد يوجهها.
جيل النهارده مش زى جيلكم ولا زى جيل إمبارح، مش الأكل اللى بيملى دماغه مش طاجن العكاوى اللى هايجاوب له على الأسئلة اللى محيراه، خلوا بالكم وربوا صح علشان ما يطلعش لنا جيل ما بيورثش ولاده غيرالتفكير فى الأكل والشرب ويقنعهم إن هى دى الحياة.
اشتغلوا على ولادكم شوية، اتعبوا على تربيتهم علشان ما يطلعوش عندهم نواقص، ما يبقاش دورك فى الحياة يا ست نبوية إنك تأكلى الواد أو البنت وتقعديهم زى التماثيل، قربى منهم وافتحى حوار معاهم خلى بنتك تحكي لك علشان متحكيش لغيرك وبعدها نقول يا ريت اللى جرى ما كان.
وإنت فى زحمة الحياة، وإنت بتفكر تعمل كل حاجة علشان توفر لهم الأكل والشرب، اعمل أى حاجة علشان توفر لهم نفسك، علشان ينشغلوا بيك وتنشغل بيهم، وده الأهم.
غالبا مش هتصدقوا إن أولادكم بيعانوا من مشاكل كتير أهم من الأكل والشرب غير لما تلاقوهم عيانين، أو واقعين فى مصايب.
وزى ما العجول مصدر رزقك الوحيد يا معلم أيوب، أولادك هما الرزق الحقيقى اللى ربنا بعتهولك، حافظ عليه واتعلم إزاى تربيهم صح.
لو عاوزين عيال صالحة، ناحجة، اتعبوا شوية وما تستهونوش بيهم وبمشاكلهم حتى ولو كانت تافهة وصغيرة.
أقول لك على حاجة يا معلم أيوب سيبك من العجول النهاردة وروح بدرى شوية أقعد مع العيال وخليهم يفضفضوا معاك، صدقنى هاتحس إنك فايتك كتير من جمال روحهم، وهتتأكد إن كل اللى تعرفه عنهم هى أساميهم بس.
إمضاء/
العيال المفاجيع بالكدب