هناك فئة من الشعب المصري لها وجهة نظر تتعلق بالإعلانات التي تكتظ بها القنوات التليفزيونية في رمضان. وجهة النظر هذه تقسم إعلانات رمضان إلى شقين متضادين، الشق الأول هو الدعوة إلى التبرع، تبرعوا ولو بجنيه للمساهمة في بناء المستشفيات وعلاج المرضى وسد دين الغارمات ومساعدة المحتاجين والجديد هذا العام هو الصرف الصحي.
الشق الثاني هو إعلانات الوحدات السكنية الفاخرة داخل المجمعات السكنية المتكاملة حيث المولات والحدائق وحمامات السباحة وخلافة وأهم شيء أن هذه المجمعات مغلقة ومعزولة عن الطبقات الدنيا أو بمعنى أدق الرعاع والغوغاء وهو ما يمثل تصور يوتوبيا كما صوره أحمد خالد توفيق في روايته.
هذه الفئة من الشعب المصري تجد الأمر غريبًا في التناقض الواضح بين الفقر المدقع والثراء الفاحش من خلال شقي الإعلانات، الشق الثاني بالطبع غير موجه لهم، ورغم تعاطفهم الشديد مع إعلانات التبرع لأنهم يعرفون جيدًا أن صور المعاناة التي تنقلها حقيقية ويرونها بأعينهم يوميًا إلا أنهم يرون أن هناك شيئًا خطأ في الأمر، هل من المفترض أن توجه هذه الإعلانات لهم.
الحقيقة أن هناك سوء فهم في الأمر، نداء إلى كل السادة الذين ينتمون إلى هذه الفئة- وأنا منهم- الشقان كلاهما غير موجه لكم، أجل، الشقان موجهان إلى نفس الفئة.
قرأت خبرًا مفاده أن قيمة الإعلانات في رمضان لإحدى المستشفيات الشهيرة تعدت المئة مليون جنيه، أي أنه لو أن الشعب المصري بالكامل وافق على التبرع بجنيه كما يطلبون في الإعلان لما غطت تكاليف الإعلان وحدها، سيدي الفاضل يؤسفني أنك بتبرعاتك وبجنيهات زكاتك لستم هدف هذه الإعلانات، إنما هدفهم هو نفس الفئة التي تهدف إليها إعلانات الفيلات والمجمعات السكنية والتي تكفي تبرعاتهم وزكاتهم لتغطية قيمة الإعلانات.
أما نحن فربما الإعلان الذي يمثلنا هو إعلان عبد الرؤوف (اللي محدش بيعمل له حساب).
يحضرني هنا مشهد عمرو عبد الجليل في فيلم حين ميسرة وهو يصف نزوله هو وصديقه إلى الشارع وقت حظر التجول وتجولهما بين الدبابات دون أن يعبأ بهما أحد حينها تساءل (هو محدش شايفنا؟ هو إحنا مش موجودين وللا إيه؟).
للأسف نحن حاليًا بالفعل غير موجودين.